ص - قالوا : أمر ونهي وخبر من غير متعلق [ موجود ] محال . قلنا : محل النزاع وهو استبعاد .
ومن ثمة قال ابن سعيد : إنما يتصف بذلك فيما لا يزال ، وقال : القديم الأمر المشترك . وأورد [ أنها ] أنواعه فيستحيل وجوده .
ش - المعتزلة قالوا : لا يجوز أن يكون الأمر أزليا . وذلك لأن كل واحد من الأمر والنهي والخبر لو كان أزليا ، لكان له متعلق موجود ; [ ص: 441 ] لأن كلا منهما يستحيل بدون متعلق موجود . والتالي باطل ; لأن المتعلق غير موجود في الأزل ، فيلزم بطلان المقدم .
تقرير الجواب أن يقال : إن أردتم بقولكم : " إن كل واحد يستحيل بدون متعلق موجود " أن المتعلق لا بد وأن يكون له وجود في الجملة ، أعم من أن يكون علميا أو خارجيا ، فلا نسلم انتفاء التالي .
لأن المتعلق الذي هو معدوم في الخارج ثابت في علم الله تعالى أزلا . وإن أريد أن المتعلق لا بد وأن يكون موجودا في الخارج ، فلا نسلم الملازمة .
قوله : " لأن كل واحد منها يستحيل بدون متعلق موجود " . قلنا : هو محل النزاع . غاية ما في الباب أن وجود الأمر بدون متعلق موجود في الخارج مستبعد ، والاستبعاد لا يدل على الامتناع .
ومن أجل استبعاد تحقق الأمر بدون متعلق موجود في الخارج سامع للخطاب قال عبد الله بن سعيد من أصحابنا : إن الأمر والنهي والخبر إنما يتصف كلام الله تعالى بها فيما لا يزال الذي هو نقيض الأزل ، ولم يثبت في الأزل شيء منها ، فلا يكون واحدا منها قديما ، بل [ ص: 442 ] القديم ، الأمر المشترك بين الثلاثة الذي هو الكلام . فقد جمع بين المصلحتين : إثبات الكلام في الأزل ، والحكم بحدوث الأمر والنهي والخبر الموجب رفع الاستبعاد .
وأورد على قول عبد الله بن سعيد أن الأمر والنهي والخبر أنواع الكلام ، ولا نوع له سواه . فحينئذ يستحيل وجود الكلام في الأزل على تقدير كون أنواعه حادثة ; لأن الجنس لا يوجد إلا في أحد أنواعه ، وإذا لم يتحقق واحد من أنواعه في الأزل لم يتحقق هو فيه .