ص - ( مسألة ) : فعله - صلى الله عليه وسلم - ما وضح فيه أمر الجبلة ، كالقيام والقعود ، والأكل والشرب ، أو تخصيصه ، كالضحى ، والوتر ، والتهجد ، والمشاورة ، والتخيير ، والوصال ، والزيادة على أربع ، فواضح .
[ ص: 480 ] وما سواهما ، إن وضح أنه بيان لقول أو قرينة ، مثل " صلوا " و " خذوا " . وكالقطع من الكوع ، والغسل إلى المرافق - اعتبر اتفاقا . وما سواه ، إن علمت صفته ، فأمته مثله .
وقيل : في العبادات . وقيل : كما لو تعلم . وإن لم تعلم - فالوجوب ، والندب ، والإباحة ، والوقف . والمختار : إن ظهر قصد القربة - فندب ، وإلا فمباح .
الفعل الصادر عن الرسول - عليه السلام - لا يخلو إما أن يتضح فيه أمر الجبلة ، أي يكونه مقتضى طبع الإنسان وجبلته ، أو لا . والأول كالقيام والقعود والأكل والشرب .
والثاني لا يخلو إما أن يتضح فيه تخصيصه - عليه السلام - بحكم ذلك الفعل ، أو لا . [ ص: 481 ] والأول كالضحى ، والوتر ، والتهجد ، والمشاورة ، وتخيير نسائه بينه وبين زينة الدنيا . فإنه - عليه السلام - خصص بوجوب هذه الأفعال عليه .
[ ص: 482 ] وكالوصال والزيادة على أربع ، فإنه - عليه السلام - مخصوص بإباحتهما له .
فهذه ثلاثة أقسام . والأولان واضح أمرهما ، لا نزاع لأحد فيهما ; فإن الأول منهما حكمه وحكم أمته فيه ، الإباحة . والثاني مختص به ، لسنا متعبدين به .
[ ص: 483 ] وأما الثالث - وهو الذي لم يتضح فيه أمر الجبلة ولا تخصيصه - لا يخلو إما أن يتضح فيه أنه بيان لقول مجمل ، أو لا .
والثاني : وهو الذي لم يتضح كونه بيانا لقول مجمل - لا يخلو إما أن تعلم صفة الفعل من الوجوب ، والندب ، والإباحة ، أو لا .
فإن علمت صفته ، فأمته مثله في حكم ذلك الفعل ، سواء كان عبادة أو غيرها ، عند أكثر الأصوليين . وهو المختار عند المصنف .
[ ص: 485 ] وقيل : إن كان الفعل عبادة ، فأمته مثله فيها ، وإلا فلا . وهذا مذهب أبي علي بن الخلاد .
وقيل : كما لم تعلم ، أي حكم ما علمت صفته كحكم ما لا تعلم صفته .
وأما إذا لم تعلم صفته فقد اختلفوا فيه على خمسة مذاهب : الأول : الوجوب . وهو مذهب ابن سريج ، nindex.php?page=showalam&ids=12535وابن أبي هريرة ، nindex.php?page=showalam&ids=13131وابن خيران ، والحنابلة ، وجماعة من المعتزلة .
[ ص: 486 ] الثاني : الندب . وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=12441إمام الحرمين . وقد قيل : إنه أحد قولي nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
الثالث : الإباحة . وهو مذهب مالك .
الرابع : التوقف . وهو مذهب حجة الإسلام ، وجماعة من أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
الخامس : التفصيل بأنه إن ظهر منه قصد القربة ، فندب ، وإلا فمباح . وهو المختار عند المصنف .
[ ص: 487 ] فتبين من هذا أن أفعاله على خمسة أقسام . ثلاثة [ منها ] لم يقع فيها نزاع . واثنان منها - وهما [ الأخيران ] ، أعني ما علمت صفته وما لم تعلم قد اختلفوا فيهما .