[ ص: 10 ] ويعلم من ذلك أن مسائله تلك الأحوال المبحوث فيه عنها .
وفيه نظر; لأن هذا الكلام لا يفيد ، ( إلا أن ) المذكور فيه عائد إلى المبادئ والموضوع والمسائل .
والغرض ليس هذا ، ( بل ) الحصر في الأربعة المذكورة ، على ما لا يخفى .
وقيل : إن المقصود ، بالقصد الأول ، من تأليف هذا المختصر : العمل ( بالأحكام ) ولا يمكن إلا بمعرفتها . ولها طرق ، وللطرق أمور تتعلق بها من جهة إفضائها إلى التمكن من العمل فإذا لا يكون المذكور إلا أمرا له مدخل في المعرفة ، وهو إما أن يكون المعرف نفسه ، أو لا .
والأول : الأدلة السمعية . والثاني : إما أن يتوقف المعرف عليه ، أو لا .
والأول : المبادئ . والثاني : إما أن يكون أمرا به تحصل غلبة طريق على آخر عند التعارض ، أو لا .
[ ص: 11 ] والأول : الترجيح . والثاني : الاجتهاد ; إذ ليس لغير الاجتهاد بعد الثلاثة تعلق بالتمكن من العمل أصلا ; لأنه بعد تحقق الثلاثة إذا بذل المكلف جهده وعرفها ، حصلت معرفة الأحكام ، وتمكن من العمل المقصود بالقصد الأول .
وهذا وإن كان أقرب [ إلى ] الصواب ، لكن فيه خلل ، وذلك لأن المراد من الاجتهاد إما معرفته ، أو نفسه .
فإن كان الثاني فباطل ; لأن نفس الاجتهاد لا يكون من أجزاء المختصر . وإن كان الأول ، فلا نسلم ، أنه ليس بعد الثلاثة لغير الاجتهاد تعلق بالتمكن من العمل ; لأن الفقه غير الثلاثة ، وله تعلق بالتمكن من العمل .
والأولى أن يقال : المقصود من تأليف هذا المختصر : هو : [ معرفة ] كيفية استنباط الأحكام من الأدلة التفصيلية . فما يذكر فيه إلا أمر له مدخل في المعرفة .
فالمذكور فيه إما أن يتوقف البحث والشروع عليه ، أو لا .
والأول : المبادئ . والثاني : إما الأدلة التي تستنبط منها الأحكام ، أو لا .
والأول : الأدلة السمعية ، إذ لا مجال للعقل عندنا . [ ص: 12 ] والثاني ، إما أن يكون ترجيح الدلائل بعضها على بعض ، عند التعارض - لأن الأدلة السمعية لكونها ظنية يقع فيها التعارض - أو لا .
والأول : الترجيح . والثاني : الاجتهاد ; إذ ليس بغير الاجتهاد بعد الثلاثة تعلق بمعرفة كيفية الاستنباط بالضرورة .
والبيان من هذا الوجه ، وإن كان يمكن أن يناقش فيه ، لكن اندفع به النقض الوارد على الوجه الذي قبله .