ص - فإن دل الدليل على تكرر وتأس ، والقول خاص به ، فلا معارضة في الأمة . وفي حقه ، المتأخر ناسخ .
فإن جهل - فثالثها المختار : الوقف ; للتحكم .
فإن كان خاصا بنا - فلا معارضة فيه . وفي الأمة ، المتأخر ناسخ .
فإن جهل - فثالثها المختار : يعمل بالقول ; لأنه أقوى ; لوضعه لذلك ، ولخصوص الفعل بالمحسوس ، وللخلاف فيه ، ولإبطال القول به جملة . والجمع ، ولو بوجه أولى .
قالوا : الفعل أقوى ; لأنه يتبين به القول ، مثل " صلوا " و " خذوا عني " وكخطوط الهندسة وغيرها . قلنا : القول أكثر .
وإن سلم التساوي - فيرجع بما ذكرناه . والوقف ضعيف للتعبد .
[ ص: 513 ] بخلاف الأول . فإن كان عاما - فالمتأخر ناسخ . فإن جهل - فالثلاثة .
ش - لما فرغ من القسم الأول شرع في القسم الثاني ، وهو الذي دل الدليل على وجوب تكرر الفعل في حقه وعلى وجوب تأسي الأمة [ به ] .
وإليه أشار بقوله : وإن دل دليل على تكرر وتأس . وحينئذ لا يخلو إما أن يكون القول خاصا به أو خاصا بنا ، أو عاما له ولنا .
فإن كان خاصا به ، فلا معارضة في حق الأمة ، سواء تقدم القول أو الفعل ; لأن القول لم يتناولهم .
وفي حقه - عليه السلام - ثلاثة مذاهب : [ ص: 514 ] أحدها أنه يجب العمل بالقول ; لأن الفعل يحتاج على القول في بيان وجه وقوعه .
الثاني أنه يجب العمل بالفعل ; لأنه أقوى في البيان . وثالثها المختار عند المصنف : الوقف حتى يتبين التاريخ ; لأنه يحتمل تقدم الفعل على القول ، وبالعكس ، ولا ترجيح لتقدم أحدهما على الآخر ، فالجزم لوجوب العمل بأحدهما على التعيين تحكم ، وهو باطل .
والمصنف أشار إلى المذاهب الثلاثة بقوله : " فثالثها المختار ، الوقف " .
وإن كان القول خاصا بنا فلا معارضة في حقه - عليه السلام - تقدم القول أو تأخر ; لعدم تناول القول له .
وفي حق الأمة ، إن علم المتأخر ، فالمتأخر ناسخ ، سواء كان القول متقدما والفعل متأخرا أو بالعكس ، إلا أن يتقدم القول على الفعل ، والفعل بعد التمكن من مقتضى القول ، والقول لم يقتض التكرار ، فإنه حينئذ لا معارضة في حقنا أيضا .
وإن جهل التاريخ ، ففيه المذاهب الثلاثة . إلا أن المختار عند المصنف ههنا العمل بالقول ، وبينه بوجوه : أحدها : أن القول أقوى دلالة من الفعل ; لأن القول دلالته على الوجوب وغيره بلا واسطة ; لأن القول وضع لذلك . بخلاف الفعل فإنه لم يوضع لذلك .
[ ص: 515 ] الثاني : أن الفعل مخصوص بالمحسوس ، لأنه لا ينبئ عن المعقول ، والقول يدل على المحسوس والمعقول ، فيكون القول أعم فائدة ، فهو أولى .
الثالث : أن القول لم يختلف في كونه دالا ، والفعل اختلف فيه ، والمتفق عليه أولى .
الرابع : أن العمل بالفعل يبطل القول بالكلية ، أما في حقه - عليه السلام - فلعدم تناول القول له ، وأما في حق الأمة فلوجوب العمل بالفعل حينئذ والعمل بالقول لا يبطل الفعل بالكلية ; لأنه يبقي العمل بالفعل بالنسبة إلى الرسول ، - عليه السلام - ، فلو عملنا بالقول أمكن الجمع بينهما من وجه ، ولو عملنا بالفعل لم يمكن . والجمع بين الدليلين ، ولو بوجه ، أولى .
وكذا خطوط الهندسة تدل على أن الفعل مبين للقول ; فإن بيان دعاوى الهندسة إنما هو بفعل الخطوط والسطوح والدوائر . فيكون الفعل أولى .
أجاب المصنف أن البيان بالفعل وإن وقع ، لكن البيان بالقول أكثر ، فهو أولى . [ ص: 516 ] وإن سلم تساوي القول والفعل في البيان ، رجح جانب القول بما ذكرنا من الوجوه الأربعة .
وأما القول بالوقف ههنا فضعيف ; لأنا متعبدون بوجوب العمل بأحدهما ، إما الفعل أو القول ; لأن كلا منهما ، بالنسبة إلينا ، ولا يمكن العمل بهما ، وقد ثبت رجحان القول على الفعل ، فتعين المصير إلى العمل بالقول .
بخلاف الصورة الأولى التي حكمنا فيها بالوقف . فإنا لسنا متعبدين بواحد منهما ; أنهما بالنسبة إلى الرسول - عليه السلام - . ولا يجب علينا الحكم بوجوب العمل بأحدهما بالنسبة إلى الرسول - عليه السلام - . فالحكم بالوقف فيها أولى .
وإن كان القول عاما له ولنا ، فإن علم التاريخ وتأخر القول ، فهو ناسخ ; لوجوب تكرار الفعل في حقه ، ولوجوب التأسي في حقنا . وإن تأخر الفعل واشتغل به قبل التمكن من الإتيان بمقتضى القول نسخ الفعل القول عندنا إلا أن يتناول القول له ظاهرا ، فإنه يكون الفعل حينئذ مخصصا للقول .
وعند المعتزلة لا يتصور هذا الفعل إلا على سبيل المعصية .
وإن اشتغل بالفعل بعد التمكن من الإتيان ، فإن لم يقتض القول التكرار ، فلا معارضة ، لا في حقه ولا في حقنا .
وإن اقتضى القول التكرار فالفعل ناسخ للتكرار . والمصنف لم يفصل وحكم بأن المتأخر ناسخ للمتقدم مطلقا .
[ ص: 517 ] وإن جهل التاريخ فالمذاهب الثلاثة : الوقف ، والعمل بالقول ، والعمل بالفعل . والمختار : الوقف في حقه والعمل بالقول في حق الأمة .