ص - أبو الحسين : لو كان ضروريا لما افتقر . ولا يحصل إلا بعد علم أنه من المحسوسات . وأنهم عدد لا حامل لهم .
وأن ما كان كذلك ليس بكذب ، فيلزم النقيض . وأجيب بالمنع . بل إذا حصل ، علم أنهم لا حامل لهم ، لا أنه مفتقر إلى سبق علم ذلك . فالعلم بالصدق ضروري وصورة الترتيب ممكنة في كل ضروري .
ش - قال : قال أبو الحسين : لو كان العلم بصدق الخبر المتواتر ضروريا لم يفتقر حصول العلم بصدقه إلى توسط المقدمتين ; لأن الضروري ما لا يفتقر إلى النظر . والتالي باطل ; لأن العلم لا يحصل إلا بعد أن يعلم أن المخبر عنه من المحسوسات ، وأن يعلم أن المخبرين جمع عظيم لا داعي لهم إلى توافقهم على الكذب . وأن يعلم أن ما كان كذلك ، أي أن كل خبر عن محسوس أخبره جماعة لا داعي لهم إلى توافقهم على الكذب ، لا يكون كذبا . وأن يعلم أنه إذا لم يكن الخبر كذبا ، يلزم أن يكون صدقا .
[ ص: 647 ] وإليه أشار بقوله : فيلزم [ النقيض ] . أجاب بأنا لا نسلم أن العلم بصدق الخبر المتواتر يتوقف على العلم بهذه الأمور ، بل إذا حصل العلم بصدقه علم أنهم لا داعي لهم على توافقهم على الكذب . لا أن العلم بصدق الخبر المتواتر يفتقر إلى سبق علم تلك الأمور ، فيكون العلم بصدق الخبر ضروريا .
فإن قيل : إذا كان العلم بصدق المتواتر ضروريا لم يمكن صورة الترتيب فيه .
أجيب بأن صورة الترتيب ممكنة في كل ضروري ، حتى في أجلى البديهيات كقولنا : الشيء إما أن يكون ، وإما أن لا يكون ، بأن يقال : الكون [ واللاكون ] متقابلان ، والمتقابلان يمتنع اتصاف الشيء الواحد بهما .