والمعينون اختلفوا فقطع القاضي أبو بكر بأن الأربعة ناقص لا يحصل العلم بهم . ولهذا يحتاج القاضي إلى عرض الشهداء الأربعة في الزنا على المزكين . وتردد في الخمسة في أن أخبارهم هل يكون مفيدا للعلم أو لا ؟ فالستة عنده موجبة للعلم جزما .
وقيل : أقله اثنا عشر [ عدد ] نقباء موسى . وقيل عشرون ; لقوله تعالى : إن يكن منكم عشرون صابرون أوجب الجهاد على العشرين . وإنما خصهم بالجهاد لأنهم إذا أخبروا حصل العلم بصدقهم .
والظاهر أن هذه المتمسكات تقييدات ، لا تعلق للمتواتر بها ، فلا يفيد المطلوب . والصحيح أن ذلك العدد غير معين ، ويختلف بحسب المخبرين والوقائع وغير ذلك .
وضابط عدد التواتر حصول العلم بصدق خبرهم ; فإن كل عدد حصل عنده العلم بصدق الخبر ، كان عدد التواتر .
والدليل على أن عدد التواتر غير مخصوص أنا نقطع بحصول العلم بصدق الأخبار المتواترة . مثل العلم بوجود مكة والمدينة ومصر والأنبياء والخلفاء من غير علم بعدد مخصوص قبل العلم بصدق الخبر المتواتر ولا بعده .
فلو كان عدد مخصوص موجبا للعلم بصدق الخبر ، لم يحصل العلم بصدق الخبر إلا بعد العلم بذلك العدد المخصوص .
ويختلف العدد الذي يحصل العلم بصدق الخبر عنده باختلاف قرائن التعريف ، مثل الهيئات [ المقارنة ] للخبر الموجبة لتعريف متعلقه . ولاختلاف أحوال المخبرين في اطلاعهم على قرائن التعريف ، [ ص: 652 ] ولاختلاف إدراك المستمعين لتفاوت الأذهان والقرائح . ولاختلاف الوقائع في عظمها وحقارتها .