ص - قالوا : يؤدي إلى تحليل الحرام وعكسه . قلنا : إن كان المصيب واحدا ، فالمخالف ساقط ، كالتعبد بالمفتى والشهادة . وإلا فلا يرد .
وإن تساويا فالوقف أو التخيير يدفعه .
ش - الجبائي ومن تابعه قالوا : لو جاز التعبد بخبر العدل الواحد عقلا ، لأدى إلى تحليل الحرام وعكسه ، أي تحريم الحلال . والتالي ظاهر الفساد .
أما الملازمة فلأنه إذا جاز التعبد بخبر العدل الواحد عقلا ، جاز التعبد بخبر كل عدل عقلا; إذ لا قائل بالفرق . وإذا جاز عقلا التعبد بخبر كل عدل واحد ، أدى إلى تحليل الحرام وعكسه ; لأنه لو أخبر واحد بحرمة فعل وآخر بحله ، وجاز التعبد به عقلا ، فيؤدي إلى جواز التعبد بهما ، فيلزم تحليل ما حرم ، وبالعكس . أجاب بأن المصيب في الاجتهاد إن كان واحدا ، فلا نسلم تحليل [ ص: 670 ] ما حرم وعكسه ; لأن حكم المصيب حينئذ هو الثابت في علم الله تعالى . والحكم المخالف لحكم المصيب ليس هو بحكم في علم الله تعالى ، وإن كان المجتهد مأمورا بالعمل بموجبه ، كما في التعبد بالإفتاء وشهادة الشاهدين ; فإنه يجب العمل بهما وإن كان خطأ .
ولا يلزم من العمل به تحريم ما حل وعكسه ; لأن حكمهما ليس هو بحكم ثابت في علم الله تعالى ; أن الحكم فيه إما الحل أو الحرمة .
وأن كان [ كل ] مجتهد مصيبا فلا يرد أيضا ما ذكرتم من تحليل الحرام وعكسه ; لأنه حينئذ كل واحد من الحكمين ثابت في علم الله تعالى ، من غير أن يصير أحدهما الآخر .
قوله : " وإن تساويا " إشارة إلى جواب دخل مقدر . توجيهه أن يقال : الجواب الذي ذكرتم إنما يتم لو كان أحد الخبرين راجحا والآخر مرجوحا ، ليلزم سقوط المرجوح المخالف للصواب الذي هو الراجح . أما إذا كان الخبران تساويا ، يلزم اجتماع الحكمين المتنافيين في واقعة واحدة ، فيلزم المحال المذكور .
تقرير الجواب أن يقال : لا نسلم اجتماع الحكمين المتنافيين على تقدير تساوي الخبرين ; فإن عند تساوي الخبرين يتوقف حتى يتعين الرجحان ، كما هو عند بعض . أو يتخير بينهما ، كما هو عند بعض .
والتخيير أو الوقف يمنع لزوم اجتماع الحكمين المتنافيين في واقعة واحدة .