فعند من كفره ، حكمه حكم الكافر . وعند من لم يكفره ، حكمه حكم المبتدع الذي لا خفاء في بدعته .
والمبتدع بما لا يتضمن كفرا ، إن كان ابتداعه واضحا ، كفسق الخوارج ، فإنهم استحلوا أموال المسلمين ، وأباحوا دماءهم من غير أن يكون لهم إمارة ، فيه خلاف .
فعند بعض ، ترد روايته ، وعند بعض تقبل . حجة الراد : قوله تعالى : إن جاءكم فاسق بنبإ . وهو فاسق لوضوح فسقه ، فلا يقبل .
حجة القابل : قوله - عليه السلام - : " نحن نحكم بالظاهر " خص عنه الكافر والفاسق اللذان [ ظن ] صدقهما . فبقي حجة في الباقي ; لأن غيرهما لا يعلم فسق نفسه ، ويعظم أمر الدين ، ويحترز عن الكذب ، فنحكم بصدقه ظاهرا .
واختار المصنف المذهب الأول ، وإليه أشار بقوله : " والآية أولى " . [ ص: 693 ] وأولويتها من ثلاثة وجوه : الأول : أن الآية متواترة بحسب المتن ، والحديث من باب الآحاد . والعمل بالمتواتر أولى من العمل بالآحاد .
والثاني : أن الآية مخصوصة بالفاسق ، والحديث غير مخصوص ، والعمل بالمخصوص أولى ; لاحتمال التخصيص في غير المخصوص .
الثالث : أن الآية غير مخصصة; لأنه لم يخرج منها فاسق ، والحديث عام مخصص بالكافر والفاسق المظنون صدقهما ; لأن روايتهما غير مقبولة بالاتفاق .