وقال آخرون : لا بد من الترجيح في كل صورة ، فأيهما ترجح قدم على الآخر . واختار المصنف : التفصيل بأنه إذا عين الجارح سبب الجرح ونفاه المعدل بطريق يقيني ، قدم أحدهما على الآخر بالترجيح . كأن قال الجارح : رأيته وقد قتل فلانا . وقال المعدل : رأيت فلانا المدعى قتله حيا . وإذا لم يعين الجارح سبب الجرح ، أو عينه ولم ينفه المعدل ، أو نفاه بطريق غير يقيني ، فالجرح مقدم .
والدليل عليه أن تقديم الجرح في الصور الثلاث جمع بين [ ص: 709 ] الترجيح وتقديم الجرح ، فوجب تقديم الجرح .
وإنما قلنا : إن تقديم الجرح في الصور الثلاث جمع بين الترجيح ] ) وتقديمه ; لأن الجرح في الصور الثلاث راجح . أما في الأولى ، فلأن الجارح اطلع على ما لم يعرفه المعدل ولم ينفه . وأما في الثانية فلأن المعدل لم يتعرض لنفي ما أثبته الجارح . وأما في الثالثة فلأنه لم ينفه بطريق يقيني .
أما في غير الصور الثلاث - [ وهي ] الصورة التي عين فيها الجارح سبب الجرح ، ونفاه المعدل بطريق يقيني - فيقدم أحدهما على الآخر بالترجيح . والترجيح يتحقق بكثرة العدد وشدة الورع والتحفظ .