قال
nindex.php?page=showalam&ids=17032أبو عبد الله : والحياء حياءان : حياء من الله ، وحياء من الناس ، والذي هو أولى بالعبد الحياء من الله عز وجل ، ولولا أن الله تعالى جعل الحياء من خلقه خلقا كريما ، لما كان أحد غير الله يستوجب أن يستحى منه ، إذ لا مالك لنفع ، ولا ضر غيره ، ولكنه
أحب أن يستحي خلقه بعضهم من بعض ، فيستروا عيوبهم منهم ، فلا يفتضح بعضهم عند بعض ، فمن الحياء من الله ما هو
[ ص: 826 ] فرض ، ومنه فضيلة ، ونافلة ، وهو هائج عن المعرفة بعظمة الله ، وجلاله ، وقدرته ، لأنه إذا ثبت تعظيم الله في قلب العبد أورثه الحياء من الله ، والهيبة له ، فغلب على قلبه ذكر اطلاع الله العظيم ، ونظره بعظمته ، وجلاله إلى ما في قلبه ، وجوارحه ، وذكر المقام غدا بين يديه ، وسؤاله إياه عن جميع أعمال قلبه ، وجوارحه ، وذكر دوام إحسانه إليه ، وقلة الشكر منه لربه ، فإذا غلب ذكر هذه الأمور على قلبه ، هاج منه الحياء من الله ، فاستحى الله أن يطلع على قلبه ، وهو معتقد لشيء مما يكره ، أو على جارحة من جوارحه ، يتحرك بما يكره ، فطهر قلبه من كل معصية ، ومنع جوارحه من جميع معاصيه ، إذ فهم عنه قوله : (
ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون ) .
وقال : (
وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه ) .
وقال : (
وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ، ورسوله والمؤمنون ) .
وقال منكرا على من استخف بنظره : (
ألم يعلم بأن الله يرى ) .
[ ص: 827 ]