تعظيم قدر الصلاة للمروزي

المروزي - محمد بن نصر بن حجاج المروزي

صفحة جزء
1065 - فكان الشافعي رضي الله عنه يوجب عليه قضاء جميع ذلك . [ ص: 981 ]

حكى البصريون عنه أنه قال : وإن غلب على عقله في ردته بمرض ، أو غيره ، قضى الصلاة في أيام غلبتها على عقله ، قال : كما يقضيها في أيام عقله ، قال : فإن قيل : فلم لم تجعله قياسا على المشرك يسلم ، فلا تأمره بإعادة صلاة ؟ قيل : فرق الله تعالى بينهما ، فقال عز وجل : ( قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ) .

وأسلم رجال ، فلم يأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقضاء صلاة ، ومن رسول الله صلى الله عليه وسلم على المشركين ، وحرم الله تعالى دماء أهل الكتاب ، ومنع أموالهم بإعطاء الجزية ، ولم يكن المرتد في هذه المعاني ، بل أحبط الله تعالى عمله بالردة ، وأبان رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عليه القتل إن لم يتب بما تقدم له من حكم الإيمان ، وكان مال الكافر غير المعاهد مغنوما بحال ، ومال المرتد موقوفا ليغنم إن مات على الردة ، أو يكون على ملكه إن تاب ، ومال المعاهد له ، عاش أو مات ، فلم يجز إلا أن يقضي الصلاة ، والصوم ، والزكاة ، كل ما كان يلزم مسلما ، لأنه كان عليه أن يفعل ، فلم تكن معصيته بالردة تخفف عنه فرضا كان عليه . [ ص: 982 ]

فإن قيل : وكيف يقضي ، وهو لو صلى في تلك الحال لم يقبل عمله ؟ قيل له : لأنه كان لو صلى في تلك الحال ، صلى على غير ما أمر به ، فكانت عليه الإعادة إذا أسلم ، ألا ترى أنه لو صلى قبل الوقت وهو مسلم ، أعاد ، والمرتد صلى قبل الوقت التي تكون الصلاة مكتوبة له فيه ، لأن الله تعالى قد أحبط عمله بالردة .

فإن قيل : ما أحبط من عمله ؟ قيل : أجر عمله ، لا أن عليه أن يعيد فرضا ، أداه من صلاة ، ولا صوم ، ولا غيره ، قبل أن يرتد ، لأنه أداه مسلما .

فإن قيل : وما يشبه هذا ؟ قيل : ألا ترى أنه لو أدى زكاة كانت عليه ، أو نذرا نذره لم يكن عليه إذا حبط أجره فيها أن يبطل ، فيكون كما لم يكن ، أولا ترى أنه لو أخذ منه حدا ، أو قصاصا ، ثم ارتد ، ثم أسلم ، لم يعد عليه ، وكل هذا فرض عليه ، ولو حبط بهذا المعنى فرض حبط كله . [ ص: 983 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية