صفحة
7
[ ص: 7 ] بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة المؤلف :
الحمد لله العلي العظيم ، السميع البصير ، الحكيم الكريم ، اللطيف الخبير ، ذي النعم السوابغ ، والفضل الواسع ، والحجج البوالغ ، تعالى ربنا عن صفات المحدودين ، وتقدس عن شبه المخلوقين ، وتنزه عن مقالة المعطلين ، علا ربنا فكان فوق سبع سماواته عاليا ، ثم على عرشه استوى ، يعلم السر وأخفى ، ويسمع الكلام والنجوى ، لا يخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء ، ولا في لجج البحار ، ولا في الهواء .
والحمد لله أنزل القرآن بعلمه ، وأنشأ خلق الإنسان من تراب بيده ، ثم كونه بكلمته ، واصطفى رسولهإبراهيم (عليه السلام) بخلته ، ونادى كليمه موسى - صلوات الله عليه - فقربه نجيا ، وكلمه تكليما ، وأمر نبيه نوحا - عليه السلام - بصنعة الفلك على عينه ، وخبرنا أن أنثى لا تحمل ولا تضع إلا [ ص: 8 ] بعلمه كما أعلمنا أن كل شيء هالك إلا وجهه ، وحذر عباده نفسه التي لا تشبه أنفس المخلوقين.
(أحمده) على ما من علي من الإيمان ، بجميع صفات ربي - عز وجل - ، التي وصف بها نفسه في محكم تنزيله ، وعلى لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - حمد شاكر لنعمائه ، التي لا يحصيها أحد سواه .
(وأشكره) شكر مقر مصدق بحسن آلائه ، التي لا يقف على كثرتها غيره - عز وجل - ، وأؤمن به إيمان معترف بوحدانيته ، راغب في جزيل ثوابه ، وعظيم ذخره ، بفضله وكرمه وجوده ، راهب وجل خائف من أليم عقابه ؛ لكثرة ذنوبه وخطاياه وحوباته .
(وأشهد) أن لا إله إلا الله ، إلها واحدا ، فردا صمدا ، قاهرا قادرا ، رؤوفا رحيما ، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ، ولا شريكا في ملكه ، العدل في قضائه ، الحكيم في فعاله ، القائم على خلقه بالقسط ، الممتن على المؤمنين بفضله ، بذل لهم الإحسان ، وزين في قلوبهم الإيمان ، وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان ، وأنزل على نبيه الفرقان ، علم القرآن ، فتمت نعماء ربنا - جل وعلا - وعظمت آلاؤه على المطيعين له ، فربنا - جل ثناؤه - المعبود موجودا ، والمحمود ممجدا .
(وأشهد) أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - رسوله المصطفى ، ونبيه المرتضى ، اختاره الله لرسالته ، ومستودع أمانته ، فجعله خاتم النبيين ، وخير خلق رب العالمين ، أرسله بالهدى ، ودين الحق ، ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون.
بعثه بالكتاب المسطور ، في اللوح المحفوظ ، فبلغ عن الله - عز وجل - حقائق الرسالة ، وأنقذ به أمته من الردى والضلالة ، قام بأمر الله تعالى بما استرعاه ربه من حقه ، واستحفظه من تنزيله ، حتى قبضه الله إلى كرامته ، ومنزلة أهل ولايته ، [ ص: 9 ] الذين رضي أعمالهم حميدا ، رضيا سعيدا ، كما سبق له من السعادة في اللوح المحفوظ ، والإمام المبين ، قبل أن ينشئ الله نسمته ، فعليه - صلوات الله وسلامه - حيا محمودا ، وميتا مفقودا ، وأفضل صلاة وأنماها ، وأزكاها وأطيبها ، وأبقى الله في العالمين محبته ، وفي المقربين مودته ، وجعل في أعلى عليين درجته ، صلى الله عليه وعلى آله الطيبين .
التالي