باب ذكر
إثبات العلم لله - جل وعلا - :
تباركت أسماؤه وجل ثناؤه ، بالوحي المنزل على النبي المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ، الذي يقرأ في المحاريب والكتاتيب من العلم الذي هو من علم العام ، لا بنقل الأخبار التي هي من نقل علم الخاص ، ضد
قول الجهمية المعطلة ، الذين لا يؤمنون بكتاب الله ، ويحرفون الكلم عن مواضعه ، تشبها باليهود ، - ينكرون أن لله علما - ، يزعمون أنهم يقولون أن الله هو العالم ، وينكرون أن لله علما ، مضافا إليه من صفات الذات .
قال الله - جل وعلا - في محكم تنزيله :
لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه ، وقال عز وجل :
فإلم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله .
فأعلمنا الله أنه أنزل القرآن بعلمه ، وخبرنا - جل ثناؤه - أن أنثى لا تحمل ولا تضع إلا بعلمه ، فأضاف الله - جل وعلا - إلى نفسه العلم الذي خبرنا أنه أنزل القرآن بعلمه ، وأن أنثى لا تحمل ولا تضع إلا بعلمه .
فكفرت
الجهمية وأنكرت أن يكون لخالقنا علما مضافا إليه من صفات الذات ، تعالى الله عما يقول الطاعنون في علم الله علوا كبيرا ، فيقال لهم : خبرونا عمن هو
[ ص: 23 ] عالم بالأشياء كلها ، أله علم أم لا ؟ فإن قال : الله يعلم السر والنجوى وأخفى ، وهو بكل شيء عليم ، قيل له : فمن هو عالم بالسر والنجوى وهو بكل شيء عليم ، أله علم أم لا علم له ؟ فلا جواب لهم لهذا السؤال إلا الهرب :
فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين .
[ ص: 24 ]