صفحة جزء
10 - ( 458 ) : حدثنا الحسين بن الحسن ، قال : ثنا المعتمر بن سليمان عن حميد الطويل ، عن أنس بن مالك ، قال : (يلقى الناس يوم القيامة من الحبس ما شاء الله أن يلقوه ، فيقولون : انطلقوا بنا إلى آدم ، فينطلقون إلى آدم ، فيقولون : يا آدم اشفع لنا إلى [ ص: 717 ] ربك ، فيقول : لست هناك ، ولكن انطلقوا إلى خليل الله إبراهيم ، فينطلقون إلى إبراهيم فيقولون : يا إبراهيم اشفع لنا إلى ربك ، فيقول : لست هناك ، ولكن انطلقوا إلى من اصطفاه الله برسالاته ، فينطلقون إلى موسى ، فيقولون : يا موسى اشفع لنا إلى ربك ، فيقول : لست هناك ، ولكن انطلقوا إلى من جاء اليوم مغفورا له ، ليس عليه ذنب ، فينطلقون إلى محمد صلى الله عليه وسلم ، فيقولون : يا محمد اشفع لنا إلى ربك فيقول : أنا لها ، وأنا صاحبها ، قال : فأنطلق حتى استفتح باب الجنة ، قال : فيفتح ، فأدخل ، وربي عز وجل على عرشه فأخر ساجدا ، وأحمده بمحامد ، لم يحمده بها أحد قبلي ، وأحسبه قال : ولا أحد بعدي ، فيقال : يا محمد ارفع رأسك وقل ، يسمع ، وسل ، تعطه ، واشفع تشفع فأقول : يا رب ، يا رب ، فيقول : أخرج من كان في قلبه مثقال شعيرة من الإيمان ، قال : فأخر ساجدا ، وأحمده بمحامد ، لم يحمده بها أحد قبلي وأحسبه قال : ولا أحد بعدي ، فيقال يا محمد ارفع رأسك ، وقل ، يسمع ، وسل ، تعطه ، واشفع تشفع ، فأقول : يا رب ، يا رب فيقول : أخرج من النار من كان في قلبه مثقال شعيرة من إيمان قال : فأخر له ساجدا ، وأحمده بمحامد لم يحمده بها أحد قبلي ، وأحسبه قال : ولا أحد بعدي ، فيقال يا محمد ارفع رأسك ، وقل ، يسمع ، وسل ، تعطه ، واشفع تشفع ، فأقول : يا رب ، فيقول : أخرج من كان في قلبة أدنى شيء ، فيخرج ناس من النار ، يقال لهم الجهنميون ، وإنه لفي الجنة) فقال له رجل : يا أبا حمزة أسمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فتغير وجهه ، واشتد عليه وقال : ليس كل ما نحدث سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكن لم يكن يكذب بعضنا بعضا .

قال أبو بكر : ليس في الخبر ذكر عيسى عليه السلام .

[ ص: 718 ] قال أبو بكر : لعله يخطر ببال من يسمع هذه الأخبار فيتوهم أن هذه اللفظة ، (ليس كل ما نحدث سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم) ، في عقب هذا الخبر ، خلاف خبر معبد بن هلال الذي قال فيه : حدثنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وخلاف خبر عمرو بن أبي عمرو ، عن أنس قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليس كذلك هو عندنا بحمد الله ونعمته ، لأن في خبر عمرو بن أبي عمرو ، عن أنس حين ذكر سماعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ذكر في أول الخبر إني لأول الناس تنشق الأرض عن جمجمته ، فذكر في الخبر كلاما ، ليس في رواية حميد ، عن أنس ، وكذلك في خبر معبد بن هلال ، إذا كان يوم القيامة ، ماج الناس بعضهم في بعض ، فالتأليف بين هذه الأخبار أن النبي صلى الله عليه وسلم حدث بعض أصحابه - أنس فيهم - فسمع من النبي صلى الله عليه وسلم بعض الخبر ، واستثبت في باقي الخبر ، واستفهمه ممن كان أقرب من النبي صلى الله عليه وسلم في المجلس ، وأكبر منه سنا ، وأحفظ وأوعى للحديث منه ، فروى الحديث بطوله ، قد سمع بعضه ، وشهد المجلس الذي حدث النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث ، فحدث بالحديث بتمامه ، سمع بعضه من النبي صلى الله عليه وسلم وبعضه ممن حفظه من النبي صلى الله عليه وسلم ، ووعاه عنه كما يقول بعض رواة الحديث : حدثني فلان ، واستثبته من فلان ، يريد خفي علي بعض الكلام ، فثبتني فلان لأن قول من استفهم أنسا : أسمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ظاهره يدل على أن المستفهم إنما استفهمه أسمعت جميع هذا الخبر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ وأجاب أنس : ليس كل ما نحدث سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فظاهر هذه اللفظة ، أنه ليس كل هذا الحديث سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يقل أنس : لم أسمع هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال غيره في أول الخبر : سمعت رسول [ ص: 719 ] الله صلى الله عليه وسلم ، لكان هذا كلاما صحيحا جائزا ، إذ غير جائز في اللغة أن يقول القائل سمعت من فلان قراءة سورة البقرة ، وقد سمع قراءته لبعضها ، وكذلك جائز أن يقول القائل سمعت من فلان قراءة سورة البقرة ، وإنما سمع بعضها لا كلها على ما قد أعلمت من مواضع من كتبنا أن الاسم قد يقع على الأشياء ذي الأجزاء أو الشعب على بعض الشيء دون بعض ، كذلك اسم الحديث قد يقع على بعض الحديث كما يقع الاسم على الكل ، فافهموه ، لا تغالطوا .

التالي السابق


الخدمات العلمية