وقد قال قائل : إن هذه الآية إنما أنزلت في الصلاة المفروضة إذا أطاق أن يصليها قائما صلاها قائما ، وإن عجز عن ذلك صلاها قاعدا ، وإن عجز عن ذلك صلاها على جنبه يومئ إيماء ، واحتج في ذلك بما :
[ ص: 231 ] .
445 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12391إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11980أبو حذيفة ، قال : حدثنا
سفيان ، عن
جويبر ، عن
الضحاك ، قال : رأى
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود قوما يدعون قياما فنهاهم ، فقالوا : أليس قد قال الله - عز وجل - : (
فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم ) .
قال : " إنما ذلك في الصلاة المكتوبة ،
صل قائما ، فإن لم تستطع فقاعدا ، فإن لم تستطع فمضطجعا " .
وقالوا مثل ذلك الآية الأخرى : (
فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم ) . قالوا : وقد سد ذلك ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكروا في ذلك ما :
446 - حدثنا
محمد بن النعمان ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17342يحيى بن يحيى النيسابوري ، قال : حدثنا
وكيع ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12377إبراهيم بن طهمان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15716حسين المعلم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16035ابن بريدة ، nindex.php?page=hadith&LINKID=64559عن عمران ، قال : كان بي الباسور ، فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة ، فقال : " صل قائما ، فإن لم تقدر فقاعدا ، فإن لم تقدر فعلى جنب " .
فكان من الحجة عليهم للآخرين أن حديث
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود - رضي الله عنه - الذي ذكروا ليس مما يحتج بمثله ، لأنه لا مخرج له ، ولا اتصال عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، ولأن
جويبرا حديثه عندهم كما يقولون فيه ، ولأن
الضحاك - رضي الله عنه - لم يولد في أيام
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، ولأن الآية المذكورة في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ليست هي الآية التي ترجمنا بها هذا الباب ، وكيف يجوز لهم تأويل هذه الآية التي ترجمنا بها هذا الباب ، على ما تأولوا عليه ، وظاهرها خلاف ذلك ، لأن الله - عز وجل - إنما ذكر قبلها خلق السماوات والأرض ، واختلاف الليل والنهار ، وأخبر أن في ذلك آيات لأولي الألباب ، ثم وصفهم - عز وجل - بالتفكر والتذكر فيما ذكره - عز وجل - في الآية ومداومة ذلك على كل الأحوال التي يكون الناس عليها من القيام والقعود والاضطجاع .
وقد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يدل على أن المراد بها هو الذكر لله - عز وجل - على هذه الأحوال ، وذلك :
447 - أن
nindex.php?page=showalam&ids=15551أبا بكرة حدثنا ، قال : حدثنا
أبو أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير الكوفي ، وأن
nindex.php?page=showalam&ids=16638ابن معبد حدثنا ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16087شبابة بن سوار المدائني ، وأن
فهدا حدثنا ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12180أبو نعيم ، قالوا : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17415يونس بن أبي إسحاق ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15342المنهال بن عمرو ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16629علي بن عبد الله بن عباس ، عن أبيه ، قال : أمرني العباس أن أبيت بآل النبي صلى الله عليه وسلم ، قال شبابة : يعني : في منزله [ ص: 232 ] .
قال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : وتقدم إلى الأيتام حتى تحفظ لي صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فصليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - العشاء ، فلما قضى صلاته ، وانصرف الناس فلم يبق في المسجد أحد غيري .
قال : فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " من هذا أعبد الله ؟ " فقلت : نعم قال : " فمه ؟ " قال : فقلت : أمرني العباس أن أبيت بكم الليلة ، قال : " فالحق إذا " قال : فدخلت مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : " أمر يشق يا nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله " قال : فأتيت بوسادة من مسوح حشوها الليف قال : فنام النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى سمعت غطيطه أو خطيطه ، ثم استوى على فراشه قاعدا ، ثم رفع رأسه إلى السماء ، فقال : " سبحان الملك القدوس " ثلاث مرات ، وقرأ هذه الآيات من آخر سورة آل عمران ( إن في خلق السماوات والأرض ) حتى ختم السورة " .
ففي هذا الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رفع رأسه ، ثم ذكر الله - عز وجل - بالتسبيح والتقديس ، وقرأ الآيات التي فيها صفة المتفكرين في خلق السماوات والأرض ، والذاكرين الله - عز وجل - مع ذلك وأما الآية الأخرى فهي على هذا المعنى الذي ذهبنا إليه أدل منها على المعنى الذي ذهب إليه مخالفنا فيها ، لأنه - عز وجل - قال : (
فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم ) . فدل ذلك على أنه إنما أمرهم بالذكر بعد الصلاة ، وكان ذلك على أن يعموا بالذكر أحوالهم التي يكونون عليها من القيام والقعود والاضطجاع على الجنوب .
وأما حديث
عمران الذي ذكروه فإنما وجدناه كما ذكروا من حديث
ابن طهمان خاصة ، وقد رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16753عيسى بن يونس وهو أضبط وأثبت منه ، على خلاف ذلك ، وذلك أن
nindex.php?page=showalam&ids=16586علي بن عبد الرحمن : 448 - حدثنا ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16475عبد الله بن يوسف ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16753عيسى بن يونس ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15716حسين المعلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16423عبد الله بن بريدة ، nindex.php?page=hadith&LINKID=64474عن nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين ، قال : سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن صلاة الرجل وهو قاعد ، فقال : " من صلى قائما فهو أفضل ، ومن صلى قاعدا فله نصف أجر القائم ، ومن صلى نائما فله نصف أجر القاعد " .
فهذا حديث
nindex.php?page=showalam&ids=15716حسين المعلم قد رواه عن
عيسى على غير ما رواه
ابن طهمان ، ومعناه عندنا والله أعلم على التطوع ، لذكره الفضل للقائم على القاعد فيه ، وليس ذلك إلا
[ ص: 233 ] على القاعد المطيق للقيام .
فأما القاعد العاجز عن القيام ، فليس القائم المطيق للقيام بأفضل منه في صلاته قائما ، ولا المصلي نائما بأفضل من المصلي مضطجعا ، وإذا كان لا يطيق الصلاة إلا كما صلى فالذي بين معنى الحديث على ما رواه
ابن طهمان وعلى ما رواه
عيسى متباين بعيد ، والله الموفق .