وذهب آخرون إلى أن المراد بالصلاة في هذه الآية هو الدعاء ، لا تلاوة القرآن ، وذكروا في ذلك ما :
468 - حدثنا
فهد ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17120معلى بن أسد ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16012سلام بن أبي مطيع ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، قال : حدثني أبي ، قال :
قالت لي خالتي nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها وعن أبيها : " يا ابن أختي ، أتدري فيم أنزلت هذه الآية : ( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ) ؟ قلت : لا ، قالت : في الدعاء " .
469 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12256ابن أبي مريم ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14906الفريابي ، قال : حدثنا
سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها ،
في قوله - عز وجل - : ( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها ) ، قالت : بدعائك .
وكأن هذا التأويل الثاني أولى التأويلين عندنا بهذه الآية ، وأشبههما بها ، لأن الدعاء قد وجدناه يسمى صلاة في كتاب الله - عز وجل - ، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، وفي لغة العرب الذين نزل القرآن بلغاتهم .
قال الله - عز وجل - : (
يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) . فكانت هذه الصلاة دعاء .
وقال الله - عز وجل - : (
وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم ) يعني بذلك : الدعاء ، ودعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
لأبي أوفى ، فقال : " اللهم صل على
آل أبي أوفى " ، وقد ذكرناه في ما تقدم .
ولم نجد في كتاب الله - عز وجل - ، ولا في لغة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ولا في لغة العرب منصوصا أن القراءة ، يقال : لها صلاة ، وإن كان قد يجوز ذلك في القياس ، فإن اللغة لا تقاس . وقد بين ما ذهبنا إليه من ذلك ما قد بينه الله - عز وجل - في أول الآية بقوله تبارك وتعالى : (
قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا ) .
وكان أول الآية على الأمر بالدعاء ، وآخرها على الصفة التي يكون الدعاء عليها من
[ ص: 241 ] مجاوزة المخافتة والتقصير عن الجهر .
وقد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأمر بالدعاء على هذا المعنى .
470 - حدثنا
محمد بن عمرو بن يونس ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12156أبو معاوية الضرير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12081أبي عثمان ، nindex.php?page=hadith&LINKID=699755عن nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى ، قال : كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر ، فهبطنا في وهدة من الأرض ، فرفع الناس أصواتهم بالتكبير ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أيها الناس ، أربعوا على أنفسكم ، إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا ، إنكم تدعون سميعا قريبا " .
ثم دعاني ، وكنت قريبا منه ، فقال لي : " يا nindex.php?page=showalam&ids=110عبد الله بن قيس ، ألا أدلك على كلمة من كنز الجنة ؟ " قلت : بلى ، قال : " قل : لا حول ولا قوة إلا بالله " . 471 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14356الربيع بن سليمان المرادي ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12310أسد بن موسى ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16621علي بن زيد ، وسعيد الحريري ، nindex.php?page=showalam&ids=15603وثابت البناني ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12081أبي عثمان النهدي ، nindex.php?page=hadith&LINKID=673228عن nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى - رضي الله عنه - ، قال : لما دنونا من المدينة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقبل الناس ، فرفعوا أصواتهم .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أيها الناس ، إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا ، إن الذي تدعونه بينكم وبين أعناق أكتافكم " ، فقال : " يا nindex.php?page=showalam&ids=110أبا موسى ، ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة ؟ " قال : بلى قال : " لا حول ولا قوة إلا بالله " .
قال : فدل ما ذكرنا على أن الجهر الذي هو
رفع الصوت في الدعاء مكروه ، وأن الذي ينبغي أن يستعمل منه ما دون ذلك وأن يسمعه الداعي به عن يمينه وعن يساره ، حتى يكون قد تجاوز بذلك المخافتة التي لا يسمعها من المخافت بها عن يمينه ولا عن يساره وذلك أشبه بما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها في تأويل الآية التي تلونا مما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنه - مما ذكرناه عنه وبالله التوفيق .
وقد دل على هذا التأويل الآيتان اللتان في آخر سورة الأعراف ، وهو قوله - عز وجل - : (
ادعوا ربكم تضرعا وخفية ) ، (
واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين ) ، كان ذلك عندهم جميعا على الدعاء
[ ص: 242 ] والذكر لله - عز وجل - ، وقد أمر فيه بدون الجهر من القول وفوق المخافتة ، فلم يكن ذلك في المعنى المروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في الآية الأخرى ، فأشبه أن يكون المراد في تلك الآية هو المراد في هذه الآية ، والله أعلم بما أراد بذلك .