وكان معنى قوله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=690532ليس المسكين بالطواف " ليس على معنى إخراجه إياه من المسكنة حتى تحرم عليه بتلك الصدقة ، وحتى لا يكون من المساكين الذين يدخلون في الآية التي تلونا ، ولكنه أراد بذلك أنه لا يستحقها بكل أحواله حتى تحل له من تلك الأحوال كلها ، لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد روي عنه في الصدقة على المسكين السائل ما :
759 - حدثنا
يونس ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12049أنس بن عياض ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=100332عن nindex.php?page=showalam&ids=5414عبيد الله بن عدي بن الخيار ، حدثه رجلان ، أنهما أتيا النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقسم الصدقة فسألاه منها ، فرفع البصر وخفضه ، فرآهما جلدين قويين ، فقال : " إن شئتما فعلت ، ولا حق فيها لغني ، ولا لقوي مكتسب " . 760 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11807أبو أمية ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15637جعفر بن عون العمري ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=5414عبيد الله بن عدي بن الخيار ، قال : حدثني رجلان من قومي ، أنهما أتيا النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم ذكر مثله .
761 - حدثنا
يونس ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب ، قال : أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=16700عمرو بن الحارث ، والليث ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، فذكر بإسناده مثله .
762 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15551أبو بكرة ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15698الحجاج بن المنهال ، حدثنا
حماد ، وهمام ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام [ ص: 363 ] فذكر بإسناده مثله .
فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أباحهما الصدقة بقوله لهما : " إن شئتما فعلت " ، ولم يمنعهما منها لقوتهما وجلدهما ، ولم ينكر عليهما سؤالهما إياه فيهما ورد أمرهما في حالهما لها إلى أنفسهما ، فقال : " إن شئتما فعلت " ، أي : لأنكما أعلم بحسة أمركما مني في غنى إن كان معكما .
ثم غلظ عليهما أمر الصدقة ، فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=668812 " ولا حق فيها لغني ، ولا لقوي مكتسب " ، وجمع في هذا المعنى والقوي المكتسب ، وإن كان مختلفين في المعنى ، لأن الغني لا تحل له الصدقة أصلا ، ولأن القوي المكتسب قد تحل له الصدقة إذا كان فقيرا ، ولكنه ليس في حلها كالزمن الفقير الذي لا يستطيع الغنى عنها باكتسابه تقوية ما يغنيه عنها .
وقد يغلظ الشيء بمثل هذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" ليس المؤمن الذي يبيت شبعانا وجاره جائع " ، فلم يكن ذلك على أنه يخرج بذلك من الإيمان حتى يدخل به في حكم الكفر .
وقال صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=692780لا دين لمن لا أمانة له " ، وليس في معنى أنه يكون بذلك في حكم من لا دين له .
وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=690532 " ليس المسكين بالطواف " ، ليس على معنى أنه يخرج بذلك من أسباب المسكنة ، حتى يكون بذلك ممن تحرم عليه الصدقة ، ولكن ليس حكمه في المسكنة كحكم من سواه ممن لا يسأل ، ولا يفطن له فيعطى ؟ .
وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث
عبيد الله بن عدي : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=668812ولا حق فيها لقوي مكتسب " على معنى ولا حق له فيها كحق الزمن الذي لا يستطيع الاكتساب ، وقد يقال : فلان عالم حقا ، إذا كان ممن قد تكاملت فيه أسباب العلم ، ولا يقال له إذا كان دون ذلك : فلان عالم حقا ، وإن كان في الحقيقة عالما .
فلما كان الذي يراد به في تحقيق العلم له أعلى مراتب العلم ، كان كذلك قوله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=668812ولا حق فيها لقوي مكتسب " أي : ولا حق فيها يكون به في أعلى مراتب أهلها الذين يستحقونها ، لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قال للرجلين الجلدين القويين اللذين يطيقان الاكتساب ، هذا القول بعد أن أباحهما إياه بقوله لهما : " إن شئتما فعلت " ، فعقلنا بذلك أن قوله لهما :
nindex.php?page=hadith&LINKID=668812 " ولا حق فيها لقوي مكتسب " ليس على حرمتها على القوي المكتسب إذا كان فقيرا ، ولكن لما سوى ذلك
[ ص: 364 ] .
وقد اختلف أهل العلم في معنى من هذا وهو
رجل ، قال : ثلث مالي للفقراء والمساكين ، ولفلان ، على سبيل الوصية ، فكان
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ، يقول : يقسم ذلك الثلث على ثلاثة أسهم ، فسهم منها لفلان ، وسهمان للفقراء والمساكين ، وضرب للفقراء بسهم وللمساكين بسهم . كذلك حدثنا
سليمان ، عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، قال : وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف : يضرب للفقراء والمساكين بسهم واحد ، ويضرب لفلان الموصى له معهم بسهم واحد ، فيكون الثلث نصفين ، وليس هذا القول بالمشهور عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف ، ولا نعلمه ذكر عنه إلا في هذه الرواية خاصة .
وأما
محمد بن العباس فحدثنا ، عن
علي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، في "
رجل أوصى لأمهات أولاده وهن ثلاث ، وللفقراء والمساكين بثلث ماله .
قال : يكون الثلث بينهم على خمسة أسهم ، منها ثلاثة لأمهات أولاده ، وللمساكين سهم ، وسهم منها للفقراء ، ولم يحك خلافا " .
وإذا وجب أن يصرف للمساكين بسهم ، وللفقراء بسهم فيما وصفنا ، وجب أن يكون المساكين غير الفقراء ، والفقراء غير المساكين ، ولا نعلم أنه بين في ذلك شيئا يبين به كل واحد من الصنفين من الصنف الآخر منهما ، وإذا وجب أن يكون الفقير هو المسكين والمسكين هو الفقير لأن الحاجة إلى الصدقة تجمعهما ، وإن تفاضلا في الحاجة إليها كما تجمع المسكنة المساكين وإن تفاضلوا فيها ، وجب أن لا تصرف للفقراء والمساكين في الوصية التي ذكرنا إلا بسهم واحد كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف فيما روينا عنه .
763 - حدثنا
يونس ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب ، قال : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=13786عبد الرحمن بن زياد بن أنعم ، عن زياد بن نعيم ، أنه سمع زياد بن الحارث الصدائي ، يقول : أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على قومي ، فقلت : يا رسول الله ، أعطني من صدقاتهم ، ففعل وكتب لي بذلك كتابا ، فأتاه رجل ، فقال : يا رسول الله ، أعطني من الصدقة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله - عز وجل - لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات حتى حكم هو فيها من السماء فجزأها ثمانية أجزاء ، فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك منها " .
فهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد رد أمر الصدقات في هذا الحديث إلى الأجزاء التي جزأها الله - عز وجل - عليها ، وجعل
للصدائي بعد ما ولاه على قومه شيئا منها ، ومحال أن يكون ولاه مع زمانة به
[ ص: 365 ] .
وأما
العاملون على الصدقات فهم السعاة عليها ، الذين يأخذون منها بعمالتهم عليها ما يأخذونه منها ، وليس لهم في ذلك منها سهم موقت لا يزادون عليه ، ولا ينقصون منه ، إنما يعطون منها مقدار ما يكفيهم في عمالتهم عليها لأنفسهم ولأعوانهم على ذلك .
وكذلك كان
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة رحمه الله ، يقول فيما حدثنا
محمد ، عن
علي ، عن
محمد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة رحمه الله : فإن قيل له التمر لم يلتفت إلى ذلك ، ولكنه يعطى منها ما يسعه ويسع أعوانه ولم يحك خلافا .
وأما المؤلفة قلوبهم فهم الذين كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتآلفهم على الإسلام لحاجة أهل الإسلام إلى ذلك .
وهذا مما أغنى الله - عز وجل - عنه المسلمين بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي مدة من حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم .