أحكام القرآن الكريم للطحاوي

الطحاوي - أبو جعفر الطحاوي

صفحة جزء
ولما اختلفوا في ذلك نظرنا فيه ، فأما قول من قال : يجب عليه مكان الصوم بدنة مقلدة ، فلا معنى لذلك عندنا من قوله ، وليس ما قاله من ذلك ، ورواه عن ابن عمر بثابت عنه ، لأن أبا يزيد المدني لم يسمع من ابن عمر ، وقد روى عن ابن عمر خلافه من هو أثبت منه ، وهو نافع في حديث عبيدة ، عن عبيد الله ، عن نافع الذي رويناه في هذا الباب ، وقد روى أيوب من هذا ، عن نافع شيئا .

897 - حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا حجاج ، قال : حدثنا حماد ، قال : أخبرنا أيوب ، عن نافع ، أن ابن عمر " مرض في رمضان فلم يصح حتى أدركه رمضان ، فصام الآخر وأطعم عن الأول " .

والقرآن يدل على غير ما رواه أبو يزيد في حديثه الذي ذكره عن ابن عمر ، لأن الله - عز وجل - قال في كتابه : ( فعدة من أيام أخر ) ولم يخص بتلك الأيام الأخر ما قبل شهر رمضان الجائي أفنجعله بخلاف ما بعد شهر رمضان الجائي ، وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تدل على خلاف ذلك ؟ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أمر الذي أفطر يوما من رمضان فيما روينا عنه في هذا الباب ، أن يقضي يوما مكانه ، ولم يقل له في شهر رمضان الذي بعده .

فدل ذلك على أنه قد أطلق له القضاء في كل الدهر ، لا فيما نهي عن صومه من الأيام التي نهى عن صومها ، ولم يجعل حكم الصيام المقضي كحكم الصلوات المقضيات الفائتات ، لأن من فاتته صلاة فوقتها الذي يصليها فيه إذا ذكرها ، ليس له أن يؤخرها عن ذلك إلى وقت آخر ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها " ، ولأن من فاته صيام رمضان في عينه ، فوجب عليه قضاؤه ، كان في سعة من تأخير قضائه إلى ما قبل رمضان الذي يطرأ عليه .

898 - حدثنا يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرني مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، أنه سمع عائشة ، زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، تقول : " إن كان ليكون علي الصيام من رمضان ، فما أستطيع أن أقضيه حتى يدخل شعبان " .

التالي السابق


الخدمات العلمية