باب
تأويل قوله تعالى : ( فمن تمتع بالعمرة ) الآية كلها .
قال الله جل ثناؤه : (
فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ) .
[ ص: 228 ] فأما المتمتع الذي يوجب الهدي الذي ذكرنا ، أو الصيام الذي وصفنا ، فإن أكثر أهل العلم منهم :
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك بن أنس ،
وسفيان بن سعيد الثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر بن الهذيل ، nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف ،
nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد بن الحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، كانوا يقولون : من كان من غير حاضري المسجد الحرام ، فأنشأ
العمرة في أشهر الحج ، وهي : شوال ، وذو القعدة ، والعشر الأول من ذي الحجة ، فطاف لها في هذه الأشهر ، وحل منها ، ثم حج من عامه ذلك ، ولم يرجع فيما بين عمرته وحجته إلى أهله ، فهو متمتع ، وعليه ما على المتمتع على ما في الآية التي تلونا ، وإن رجع إلى أهله بين عمرته وبين حجته ، ثم حج من عامه ذلك ، لم يكن متمتعا في قولهم جميعا هكذا حدثنا
محمد بن العباس ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16638علي بن معبد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد بن الحسن ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، وعن
علي ، عن
محمد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف ، وعن
علي ، عن
محمد ، بما ذكرنا .
وهكذا :
1625 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى ، قال أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16472عبد الله بن وهب ، أن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس ، أخبره ، قال :
من اعتمر في شوال ، أو في ذي القعدة ، أو في ذي الحجة ، ثم رجع إلى أهله ، ثم حج من عامه ذلك ، فليس عليه هدي ، إنما الهدي على من اعتمر في أشهر الحج ، ثم أقام قبل الحج ، ثم حج .
قال
أحمد : وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أيضا وقد روي هذا القول عن غير واحد من التابعين ، منهم
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء بن أبي رباح ، وطاووس ، ومجاهد ، nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي ، كما :
1626 - قد حدثنا
محمد بن خزيمة ، قال حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15698حجاج بن منهال ، قال حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى بن سعيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، أنه قال :
إذا اعتمر الرجل في أشهر الحج ، ثم رجع إلى أهله ، ثم حج من عامه ذلك ، فليس عليه هدي . 1627 - وكما قد حدثنا
محمد بن خزيمة ، قال حدثنا
حجاج ، قال حدثنا
[ ص: 229 ] حماد ، قال حدثنا
ليث ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء وطاووس ، ومجاهد ، مثله .
1628 - وكما قد حدثنا
محمد ، قال حدثنا
حجاج ، قال حدثنا
حماد ، عن
قيس ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ، مثله .
1629 - وكما قد حدثنا
محمد ، أيضا ، قال حدثنا
حجاج ، قال حدثنا
حماد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي ، مثله .
1630 - وكما قد حدثنا
محمد قال حدثنا
حجاج ، قال حدثنا
حماد عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036عبد الملك بن جريج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ، أنه قال :
إذا قدم الرجل معتمرا في أشهر الحج ، ثم ذهب إلى المدينة ، ثم حج من عامه ذلك ، فليس عليه هدي وإن خرج إلى ما لا تقصر إليه الصلاة ، ثم حج ، فعليه الهدي .
وهذا الذي ذكرنا عن هؤلاء المتقدمين من خروج المتمتع من المتعة برجوعه إلى أهله بين عمرته وبين حجته ، ففي كتاب الله عز وجل ما يدل على ما قالوه فيه ، وذلك أنه عز وجل ذكر المتعة وما يجب على أهلها ، ثم قال : (
ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ) فاستثنى حاضري المسجد الحرام ممن أباح له المتعة ، فمنعهم منها ، وكان حاضرو المسجد الحرام هم المقيمون في أهليهم بين عمرهم وبين حججهم ، فإذا صار المعتمر الذي ليس من حاضري المسجد الحرام إلى أهله بين عمرته وبين حجته ، كان في رجوعه إلى أهله ، وفي إقامته فيهم بين عمرته وحجته كحاضري المسجد الحرام ، فخرج بذلك من المتعة .
فأما من كان من غير حاضري المسجد الحرام فرجع بين عمرته وبين حجته إلى أفق من الآفاق سوى الأفق الذي فيه أهله ، فقد حكينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ، فيما تقدم منا
[ ص: 230 ] في هذا الباب ، أنه قال : إذا قدم معتمرا في أشهر الحج ، ثم ذهب إلى
المدينة ، ثم رجع من عامه ذلك ، فليس عليه هدي ، وإن خرج إلى ما لا تقصر إليه الصلاة ، ثم حج ، فعليه الهدي ، فقد وقفنا به على أن قول
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء فيمن يرجع إلى موضع المسافة بينه وبين البيت مقدار ما تقصر فيه الصلاة ، وإن لم يكن ذلك الموضع الذي رجع إليه هو الموضع الذي فيه أهله ، فقد خرج بذلك من المتعة ، وصار رجوعه إلى ما هناك كرجوعه إلى أهله .
وقد روينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ،
وطاووس ، ومجاهد ، nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي في ذلك في هذا الباب ما قد رويناه عنهم وقصدهم في إخراجه من المتعة بالرجوع إلى أهله فيما بين عمرته وبين حجته ، لا إلى ما سوى ذلك من سائر الآفاق التي ليس فيها أهله .
وروينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح في هذا الباب أيضا ، من حديث
قيس بن سعد ،
nindex.php?page=showalam&ids=15689والحجاج بن أرطاة ، مثل الذي رويناه من ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب ،
وطاووس ، ومجاهد ، nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي فقد صار هذا المعنى مختلفا فيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح .
وقد
اختلف أهل العلم من بعدهم في الرجل من أهل الآفاق ، من غير حاضري المسجد الحرام إذا رجع بين عمرته وبين حجته إلى أفق من الآفاق ، سوى الأفق الذي فيه أهله ، هل يخرج بذلك من المتعة ، ويسقط عنه ما يجب على المتمتع مما في هذه الآية التي تلونا في صدر هذا الباب ؟ أو لا يخرج بذلك عن التمتع ، ولا يسقط عنه الذي في الآية التي تلونا في صدر هذا الباب ؟
فكان
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد بن الحسن يقولان : لا يخرج من المتعة ، ولا يسقط عنه الواجب فيها مما في الآية التي تلونا في صدر هذا الباب إلا برجوعه إلى الأفق الذي فيه أهله ، لا إلى ما سواه من الآفاق ، وهذا القول الذي يرويه
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد بن الحسن ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف .
وأما أصحاب الإملاء فذكروا عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف ، أنه أملى عليهم ، أنه إذا رجع إلى أفق من الآفاق ، أو رجع إليه أهله فيما بين عمرهم وحججهم ، خرجوا بذلك من المتعة ، وسقط عنهم ما في الآية التي تلونا في صدر هذا الباب كان في رجوعه إلى ما هناك كرجوعه إلى الأفق الذي فيه أهله ولما كان الله جل ثناؤه وعز قد قال في كتابه في المتعة :
[ ص: 231 ] (
ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ) ، فذكر الأهل ، ولم يذكر الآفاق ، وجعل من كان أهله من حاضري المسجد الحرام ممنوعا من المتعة ، كان رجوعه إلى ما يمنعه من المتعة ، ويسقط عنه الذي أوجب الله عز وجل على المتمتع ما في الآية التي تلونا في صدر هذا الباب وكان رجوعه إلى غيره لا معنى له يخرج به من المتعة ، ويسقط به عنه ما في الآية التي تلونا في صدر هذا الباب فثبت بما ذكرنا فيما حكينا فيه هذا الاختلاف الذي وصفنا من قول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف الموافق لقول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، ولقول
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد بن الحسن الذي حكيناه عنهما ، والمخالف له الذي قاله في إملائه ، ما قال
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف في قوله الذي وافق
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد بن الحسن .