وأما قوله عز وجل : (
فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج ) ، فقد ذكرنا ذلك ، وما قال أهل العلم فيه ، والأولى بتأويل الآية في ذلك ، وهو أن الصيام في الحج ، على الصيام بعد الإحرام بالحج كما قال أهل
المدينة فيما تقدم من كتابنا هذا ولم يخرج هذا اقول أيضا من قول جميع الكوفيين قد قال به منهم
nindex.php?page=showalam&ids=14111الحسن بن زياد اللؤلؤي ، وأبو زيد
حماد بن دليل .
فإن قال قائل : ففي هذه الآية ما قد دل على أن المخاطبين بالتمتع بالعمرة إلى الحج هم المحصرون بالحج ، لأنه عز وجل قال : (
فإذا أمنتم فمن تمتع ) ، أي منكم بالعمرة إلى الحج ، وليس في ذلك خطاب لغير المحصرين بالحج وذكر في ذلك ما قد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16414عبد الله بن الزبير فيه مما :
1715 - حدثناه
نصر بن مرزوق ، قال حدثنا
الخصيب بن ناصح الحارثي ، قال حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17287وهيب بن خالد ، عن
إسحاق بن مؤيد ؛ وما قد حدثناه
محمد بن خزيمة ، قال
[ ص: 270 ] حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15698حجاج بن منهال ، قال حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة ، قال أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=12420إسحاق بن سويد ، قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=16414عبد الله بن الزبير ، يقول : يا أيها الناس ، إن التمتع ليس بالذي تصنعون ، يتمتع أحدكم بالعمرة قبل الحج ، ولكن الحاج إذا فاته الحج ، أو ضلت راحلته ، أو كسر حتى يفوته الحج ، فإنه يجعلها عمرة ، وعليه الحج من قابل ، وما استيسر من الهدي .
قيل له : قد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16414عبد الله بن الزبير ما قد ذكرت ، ولم يعلم هذا القول في هذا المعنى روي عن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غيره وقد روي خلاف قوله في ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ، وعن
سعيد بن أبي وقاص ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين رضي الله عنهم فمن ذلك ما قد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله ، أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=681192تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما ولي nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، خطب الناس ، فقال : إن القرآن هو القرآن ، وإن الرسول هو الرسول ، وإنهما كانتا متعتين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم متعة الحج ، فافصلوا بين حجكم وعمرتكم .
ومن ذلك ما قد روي
عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب في قوله nindex.php?page=showalam&ids=7لعثمان بن عفان رضي الله عنهما لما نهى عن المتعة : ما يريد إلى أمر قد فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عنه .
ففي نهي
عثمان عنها ، وتسميته إياها متعة ، دليل على أن المتعة عنده خلاف ما قال
nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير .
ومن ذلك ما قد روي عن
سعيد بن أبي وقاص مما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=190الضحاك بن قيس لما ذكر له عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر النهي عن المتعة : قد صنعها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وصنعناها معه وفي نهي
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر عنها دليل على أنها عنده بخلاف ما هي عند
nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير .
ومن ذلك ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=659167تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ، وأهدى ، وساق معه الهدي ، وبدأ فأهل بعمرة ، ثم أهل بالحج ، وتمتع الناس معه بالعمرة إلى الحج . [ ص: 271 ] ومن ذلك ما قد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين ، أنه
nindex.php?page=hadith&LINKID=699851قال : تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونزل فيها القرآن ، فلم ينهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم ينسخها شيء ثم قال رجل برأيه ما شاء .
فهؤلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار الذين حضروا تنزيل القرآن ، يقولون في المتعة بخلاف ما قال
nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير فيها ، وبعضهم يحكيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبعضهم يخبر بنزول القرآن فيها ، وقد ذكرنا أسانيد ما روي عنهم في ذلك فيما تقدم منا في كتابنا هذا ،
nindex.php?page=showalam&ids=16414وابن الزبير فلم يخبر في حديثه أنه قال الذي روي عنه فيه من جهة الآية ، لا من شيء تأولها عليه ، ولا أن ذلك على المحصرين الذين حلوا مما كانوا فيه محصرين بالهدايا التي بعثوا بها وبلغت محلها ، وإنما هو على من فاته الحج ، ووصل إلى البيت بعد ذلك ، وهو في حرمة إحرامه ، لم يخرج منها .
فإن قال قائل : لا حاجة بنا إلى خبر
nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير الذي ذكرتم ، ولكنا نطالبكم باطلاقكم المتعة لغير المحصرين بالحج ، وإنما أطلقها الله عز وجل في كتابه للمحصرين بالحج ، ولم يذكر معهم من سواهم ممن لم يحصر بالحج .
فجوابنا في ذلك - والله أعلم - أن في الآية ما يدل على أن غير المحصرين قد دخلوا فيها لما قد أجمعوا عليه مما قد وكد أكثر مما وكد هذا الموضع منها ، وهو قوله عز وجل : (
ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ) ،
فلم يختلف أهل العلم في المحرم بالحج أو بالعمرة ممن ليس بمحصر أنه إذا أصابه أذى في رأسه ، أو أصابه مرض ، أنه يحلق ، وأن عليه الفدية المذكورة في الآية التي تلونا ، وأن القصد بها إلى المحصرين لا يمنع أن يدخل فيها من سواهم من المحرمين غير المحصرين حتى يكون حكمهم فيها كحكمهم .
فكذلك قوله عز وجل : (
فمن تمتع بالعمرة إلى الحج ) ، لا يمنع أن يكون غير المحصرين في ذلك كالمحصرين ، بل هذا أولى بما ذكرنا من المعنى الذي في الآية ، لأنه قال عز وجل في المعنى الأول : (
فمن كان منكم ) ، ولم يقل ذلك في المعنى الثاني منها .
[ ص: 272 ]