وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11129فاطمة نفسها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كان أمرها بالنقلة لمعنى خافه عليها من زوجها .
[ ص: 357 ] 1878 - كما حدثنا
أبو شعيب صالح بن شعيب بن أبان البصري ، قال حدثنا
محمد بن المثنى الزمن ، قال حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15730حفص بن غياث ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه ،
عن nindex.php?page=showalam&ids=11129فاطمة ابنة قيس ، قالت : قلت : يا رسول الله إن زوجي طلقني ، وإنه يريد أن يقتحم علي ، فقال : انتقلي عنه . 1879 - حدثنا
محمد بن خزيمة ، قال حدثنا
حفص ، قال حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة ، nindex.php?page=hadith&LINKID=659732أن nindex.php?page=showalam&ids=11129فاطمة ، قالت : يا رسول الله ، إن زوجي طلقني ثلاثا ، أخاف أن يقتحم علي ، فأمرها بالتحويل .
فهذا حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11129فاطمة الذي روته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قضائه عليها أن لا نفقة لها ولا سكنى في عدتها من زوجها المطلق لها الطلاق البات الذي ذكرنا ، لا نعلمه روي عنها من وجه إلا وقد دخل في الوجوه التي ذكرناها في هذا الباب وقد أنكر ذلك عليها من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنكره عليها ممن ذكرنا ، فمنهم من رد ذلك إلى أنه كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلة كانت فيها خاصة ، ومنهم من رد ذلك إلى خوفه عليها الوهم ، ومنهم من رد ذلك لخوفه عليها الكذب ، ولم يبلغنا أن أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غيرها ، ولا المنكرين لحديثها هذا ، قبله ، ولا عمل به ، ولا حمل الناس عليه ، ولا أفتاهم به غير شيء ذكر فيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
1880 - كما حدثنا
صالح بن عبد الرحمن ، قال حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور ، قال حدثنا
هشيم ، قال أخبرنا
الحجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
أنه كان يقول في المطلقة ثلاثا والمتوفى عنها : لا نفقة لهما ، وتعتدان حيث شاءتا .
وقد روينا فيما تقدم في هذا الباب عن عبد الواحد بن زياد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15689الحجاج بن أرطاة ،
[ ص: 358 ] عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=659728أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجعل لها سكنى ولا نفقة حين طلقها زوجها ثلاثا .
فصار ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس من هذين الحديثين إنما يدور على
الحجاج ، ومذهب أهل الإسناد فيما أرسل
الحجاج ولم يذكر فيه سماعا ما لا خفاء به على أهل العلم بهذا المعنى .
فإن احتج محتج لما روت
nindex.php?page=showalam&ids=11129فاطمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قصتها التي رويناها عنها في هذا الباب ، وأنه ليس فيما روت من ذلك خلاف لكتاب الله عز وجل بحجة
nindex.php?page=showalam&ids=11129فاطمة التي احتجت بها في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16523عبيد الله بن عبد الله الذي ذكرناه .
قيل له : أما ما ذكرت من قوله : أن القرآن إنما نزل فيمن لم يبت طلاقها ، لا فيمن بت طلاقه ، لأن الله عز وجل قال : (
فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم ) إلى قوله عز وجل : (
لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ) ، وذلك لا يكون في المطلقات المبتوتات ، وإنما يكون فيمن سواهن من المطلقات اللاتي عليهن الرجعة لمن طلقهن ، فإن الحجة في ذلك أن الآية على النساء جميعا المدخول بهن ذوات العدد ، قال الله عز وجل : (
يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن ) إلى قوله : (
لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ) ، فأمر عز وجل بطلاقهن للعدة ، وعطف ما بعد ذلك من أحكامهن على العدة ، وكانت المرأة إذا طلقها زوجها طلقتين للعدة ، إحداهما بعد الأخرى ، كان لها عليه السكنى والنفقة ، لا اختلاف بين أهل العلم في ذلك جميعا ، وكانت الرجعة عليها لمطلقها ، ثم إذا أراد أن يطلقها الثالثة التي لا رجعة له عليها بعدها ، كان طلاقه إياها للعدة في طهر لم يمسها فيه ، على مثل ما كان عليه حكمه في طلاقه إياها كل واحدة من التطليقتين الأوليين ، فإذا لم تخرج الطلقة الثالثة من أن توقع للعدة في طهر لا مماسة فيه ، وكان عليها أن تعتد للتطليقة الثالثة مثل ما تعتد لكل واحدة من التطليقتين الأوليين من الشهور أو الحيض على ما بين الله عز وجل في ذلك في هذه السورة ، وفيما سواها من القرآن ، لم تخرج هذه التطليقة أيضا مما كان لها من السكنى والنفقة كما لم تخرج مما كان عليها ، ولها سائر
[ ص: 359 ] أحكام المطلقات الطلاق المملوك فيه الرجعة عليهن ، وثبت بذلك أن المطلقات جميعا ذوات العدد مرادات بجميع ما في هذه السورة غير أنه عز وجل ذكر المراجعة لمن عليه المراجعة منهن ، لا لمن سواهن ممن لا رجعة عليه من سائر المطلقات .
ولما انتفى أن يكون حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11129فاطمة حجة لما ذكرنا يجب الأخذ بها وحمل سائر المطلقات المعتدات عليها ، رجعنا إلى أقوال أهل العلم في ذلك ، فوجدناهم على ثلاثة أقوال :
فطائفة تقول : لا نفقة لها ولا سكنى ، وتحتج لما تقول بحديث فاطمة الذي رويناه في هذا الباب ، وقد ثبت انتفاء ما في حديث فاطمة من أن يكون حجة لهذا المعنى .
وطائفة تقول : لها السكنى والنفقة ، منهم
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ،
وسفيان ، nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر ،
nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف ،
ومحمد ، وكثير من أهل العلم سواهم ، ويحتجون في ذلك بما روينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود من آرائهما ، وما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما قد ذكرنا .
وطائفة تقول : لها السكنى ولا نفقة لها إلا أن تكون حاملا ، فتكون لها النفقة والسكنى حتى تضع حملها ، ويحتجون في إيجابهم السكنى بما يقول الله عز وجل : (
لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ) ، وهذا على العموم ، ويحتجون في وجوب النفقة لها بقوله عز وجل : (
وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن ) وممن قال ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، وكثير من أهل الحجاز ، فذهبوا هذا المذهب .
حدثنا
يونس ، قال أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، بقوله الذي ذكرنا عنه في هذا وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فيما ذكره لنا
الربيع عنه هذا وإن أصل حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11129فاطمة الذي ذكرنا يرجع إلى المعنى الذي كان يذهب إليه في المطلقات المبتوتات غير الحوامل ، أنه لا نفقة لهن في عددهن على من طلقهن ، وإن لهن السكنى عليهم إلى انقضاء عددهن ، وقال قول رسول الله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=showalam&ids=11129لفاطمة في حديثها الذي ذكرناه ، يعني حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، عن
عبد الله [ ص: 360 ] بن يزيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11129فاطمة : لا نفقة لك أي لأنك غير حامل ، وانتقلي إلى بيت
nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم لبذائك الذي صرت به من أهل الفاحشة التي أباح الله عز وجل بها إخراج المطلقات اللاتي يكون فيهن .
قال : وإنما جاء تخليط هذا الحديث عن
nindex.php?page=showalam&ids=11129فاطمة بما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي لأنه روى عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها : لا نفقة لك ولا سكنى .
وأما ما روى عنها الحجازيون أصحابنا فموافق لقولنا ، وغير خارج عن مذهبنا الذي ذكرنا ، يعني أن لها السكنى ، ولا نفقة .
قال
أحمد : ولم يكن للقول عندنا في ذلك كما ذكر ، ولا كان أصل حديث فاطمة إلا كما رواه الشعبي عنها لإتقانه ، ولضبطه ، ولفضل حفظه ، ولتقدمه في العلم ، ولعلو مرتبته فيه ، ولأنه قد وافقه على ذلك غير واحد من أهل الحجاز ، منهم
nindex.php?page=showalam&ids=16523عبيد الله بن عبد الله ،
وقبيصة ، وابن أبي الجهم ، ومحمد بن عبد الرحمن ، nindex.php?page=showalam&ids=11804وأبو سلمة فقد وافقه على ذلك لأن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا ، وإن كان لم يرو ذلك عن
عبد الله ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة إلا كما سقط إليه وكما ذكرناه عنه ، فإن
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث قد رواه عن
عبد الله عن أبي سلمة كما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11129فاطمة سواء ووافقه على ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير مع جلالته وعلمه ، وفضل حفظه ، وإتقانه ، وعلو مرتبته حتى لقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب السختياني فيه ما :
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11939ابن أبي داود ، قال حدثنا
المنقري ، قال حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17287وهيب بن خالد ، قال : سمعت
أيوب ، يقول : ما بقي على وجه الأرض مثل
nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير ، فقدمه على الناس جميعا .
ووافق يحيى على ذلك
الحارث بن عبد الرحمن خال ابن أبي ذئب ، وهو رجل من أهل العلم صحيح الرواية ، فروى عن
nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة ، عن فاطمة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الباب مثل الذي رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11129فاطمة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه .
[ ص: 361 ] فأما ما ذهب إليه
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي من إبطال النفقة على
nindex.php?page=showalam&ids=11129فاطمة لأنها كانت غير ذات حمل ، فإنما ذلك تأويل تأوله في حديثها ، ولم يجده منصوصا وقد تأوله غيره على غير ما تأوله عليه ، فتأوله على أنها إنما منعت النفقة بالبذاء الذي كان فيها الواجب به عليها الخروج من منزلها ، فصار ذلك الخروج الذي لزمها بالفعل الذي كان منها نشوزا ، فحرمت النفقة بذلك النشوز كما يقول في المطلقة المستحقة للنفقة إذا نشزت بالخروج من منزل زوجها ، لم يكن لها عليه نفقة ما كانت كذلك ، فلم يكن أحد التأويلين اللذين ذكرناهما في حديث فاطمة أولى من الآخر به .