تأويل قول الله تعالى : ( فاسعوا إلى ذكر الله ) الآية
قال الله - عز وجل - : (
فاسعوا إلى ذكر الله ) ، فكان هذا من المتشابه المحتمل للتأويل ، لأنه يحتمل أن يكون أريد بالسعي سرعة المشي والعدو ، ويحتمل أن يكون أريد به السعي بالقلوب والأعمال ، لا على الأقدام ، أي : يخلص بالسعي إليها حتى لا يكون في ذلك ما يخالطه من غيرها ، فنظرنا في ذلك فوجدنا في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قد نهى عن السعي والعدو في إتيان الصلاة ، فمن ذلك ما :
223 - حدثنا
صالح بن عبد الرحمن ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15020عبد الله بن مسلمة القعنبي ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14806العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=691272عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا ثوب بالصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون ، وأتوها وعليكم السكينة ، فما أدركتم فصلوا ، وما فاتكم فأتموا " . 224 - حدثنا
يونس ، قال : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب ، أن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا حدثه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14806العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ،
وإسحاق بن عبد الله ، أنهما سمعا
nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة يحدث ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر مثله وزاد : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=691272فإن أحدكم في صلاة ما كان يعمد إلى الصلاة . 225 - حدثنا
محمد بن خزيمة ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور ، قال : حدثنا
سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، nindex.php?page=hadith&LINKID=687797عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون ، وأتوها تمشون عليكم السكينة ، فما أدركتم فصلوا ، وما فاتكم فاقضوا " . 226 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16638علي بن معبد ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16505عبد الوهاب بن عطاء ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15767حميد الطويل ، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس - رضي الله عنه - ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " إذا جاء [ ص: 150 ] أحدكم فليمش على هيئته ، فليصل ما أدرك ، وليقض ما سبق به " .
فمنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذه الآثار من
السعي إلى الصلاة بسرعة المشي والعدو ، فعلمنا بذلك أن السعي المراد في الآية التي تلونا غير السعي الذي نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن فعله في إتيان الصلاة التي عم بها سائر الصلوات .
ثم وجدنا عن بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يتلو مكان السعي في هذه الآية المضي ، منهم
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، nindex.php?page=showalam&ids=10وعبد الله بن مسعود - رضي الله عنهما .
227 - حدثنا
يونس ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب ، قال : أخبرني
يونس ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب ، قال : حدثني
سالم ، أن
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر ، قال : " لقد
توفى الله nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب وما يقرأ هذه الآية إلا : " يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فامضوا إلى ذكر الله " .
228 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12256ابن أبي مريم ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14906الفريابي ، قال : حدثنا
سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، عن
إبراهيم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، قال : " لو قرأتها : (
فاسعوا إلى ذكر الله ) ، لسعيت حتى يسقط ردائي " .
وهذا من
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود على التكثر من الله - عز وجل - ، أراد بذلك السعي الذي ذكرنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النهي عنه ولا كنا لا نقرأها إلا على ما وجدنا في مصاحفنا الذي قامت به الحجة ، عليها أئمتنا رضوان الله عليهم .
ومعنى السعي المأمور به فيها عندنا هو الإخلاص ، وقد ذكر الله - عز وجل - السعي في غير هذا الموضع ، قال الله - عز وجل - : (
ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا ) ، وقال - عز وجل - : (
وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ) ، وقال - عز وجل - : (
وأما من جاءك يسعى وهو يخشى ) ، وقال - عز وجل - : (
ثم أدبر يسعى فحشر فنادى ) ، وقال - عز وجل - : (
وأن ليس للإنسان إلا ما سعى )
[ ص: 151 ] .
فلم يكن مراده - عز وجل - في شيء من ذلك
السعي المنهي عن إتيان الصلوات عليه من السرعة في المشي والعدو ، بل كان على ما سوى ذلك من الإرادات بالقلوب ، بالسعي المذكور في الآية التي تلوناها هو هذا السعي ، والله أعلم .
وكذلك نأمر الذي يأتي للصلاة بالمشي على هيئته لا يأتيها وقد حصره النفس الذي شغله عنها ، وتقطعت عما أمر به فيها ، وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، وأبي حنيفة ، والثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف ، ومحمد ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، وسائر أهل العلم سواهم .