تأويل قوله تعالى : ( قد نرى تقلب وجهك في السماء )
روي في سبب نزول هذه الآية ما :
245 - حدثنا
أبو شريح محمد بن زكريا بن يحيى ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14906الفريابي ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12424إسرائيل ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11813أبو إسحاق ، عن nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب - رضي الله عنه - ، قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " صلى نحو بيت المقدس سبعة عشر شهرا أو ستة عشر شهرا ، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب أن يوجه نحو الكعبة ، فأنزل الله - عز وجل - ( قد نرى تقلب وجهك في السماء ، فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام ) .
قال : فوجه نحو
الكعبة ، وقال السفهاء من الناس : (
ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها ) " .
قال
البراء : وهم اليهود ، فأنزل الله - عز وجل - : (
قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ) ، فصلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل ، ثم خرج بعد ما صلى فمر على قوم من
الأنصار وهم ركوع في صلاة العصر نحو
بيت المقدس ، فقال : هو يشهد أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنه وجه نحو الكعبة ، قال : فتحرفوا القوم حتى وجهوا نحو الكعبة " .
[ ص: 158 ] .
246 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15551أبو بكرة ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15238المسعودي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16718عمرو بن مرة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16330عبد الرحمن بن أبي ليلى ، nindex.php?page=hadith&LINKID=701952عن nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل - رضي الله عنه - ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدم المدينة " فصلى نحو بيت المقدس سبعة عشر شهرا ، ثم إن الله - عز وجل - أنزل عليه : ( قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها ) الآية فوجه إلى الكعبة " . 247 - حدثنا
يونس ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب ، أن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا ، أخبره ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16430عبد الله بن دينار ، nindex.php?page=hadith&LINKID=686509أن nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر ، قال : بينما الناس بقباء في صلاة الصبح ، إذ أتاهم آت ، فقال : " إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أنزل عليه الليلة قرآن ، وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها " وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة " . 248 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11807أبو أمية ، وأحمد بن داود ، قالا : حدثنا
يحيى بن بكر المصري ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث ، قال : حدثني
خالد بن يزيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15987سعيد بن أبي هلال ، قال : حدثني
مروان بن عثمان ، أن
nindex.php?page=showalam&ids=16529عبيد بن حنين أخبره ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=931933عن أبي سعيد ابن المعلى ، قال : " كنا نغدوا إلى السوق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنمر على المسجد فنصلي فيه ، فمررنا يوما ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاعد على المنبر ، فقلت : لقد حدث أمر ، فجلست ، فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هذه الآية : ( قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام ) حتى فرغ من هذه الآية .
فقلت لصاحبي : تعال نركع ركعتين قبل أن ينزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنكون أول من صلى ، فتبادرنا معا ، فصليناهما ، ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فصلى بالناس يومئذ " .
غير أن
nindex.php?page=showalam&ids=11807أبا أمية ، قال : " فنمر على المسجد فنظل فيه " ولم يقل : " فنصلي فيه " .
249 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16991محمد بن عبد الحكم ، قال : حدثنا أبي ،
وشعيب بن الليث ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث ، عن
خالد ، فذكر بإسناده مثله وقال : " نصلي فيه " .
250 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11939ابن أبي داود ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17319يحيى بن عبد الحميد ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16833قيس بن الربيع ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15939زياد بن علاقة ، قال : سمعت
عمارة بن أوس ، وكان قد صلى القبلتين جميعا ،
[ ص: 159 ] قال : " إني في إحدى صلاتي العشي ، إذ نادى مناد بالباب أن القبلة قد حولت إلى
الكعبة ، فأشهد على إمامنا أنه حول إلى
الكعبة والرجال والنساء والصبيان ، فصلى بعضها هاهنا وبعضها هاهنا " .
ففي هذه الآثار أن نزول الآية المحكمة كان في هذا المعنى ، وفيها إثبات
فرض القبلة ، وفيها أنهم انحرفوا إلى
الكعبة في حرمة الصلاة التي دخلوا فيها بالتوجه نحو
بيت المقدس .
ففي هذا دليل أن
من لم يعلم بفرض الله - عز وجل - ، ولم تبلغه الدعوة ، ولم يمكنه استعلام ذلك من غيره أن الفرض في ذلك غير لازم له ، وأن الحجة فيه غير قائمة عليه وأنه إنما يجب عليه الفرض في ذلك حين يعلمه ، ويقوم عليه الحجة حين يمكنه استعلامه ، ولهذا عندنا ، والله أعلم ، دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المشركين قبل أن يقاتلهم إلى الإسلام ، وبين لهم ما هو ، ثم ترك ذلك في آخرين ومن سواهم من مشركي العرب
بني المصطلق وغيرهم ، فقتلهم وهم عادون على الماء ، لأن الدعوة قد كانت بلغتهم .
فإن قال قائل : قد كان فرض استقبال
الكعبة في الصلاة وجب على أهل
قباء قبل دخولهم في الصلاة ، لأن الآية التي أمر بذلك فيها أنزلت ليلا ، وإنما انحرفوا إلى
الكعبة في الصلاة التي علموا بنزول الآية فيها فقد لحقهم الفرض قبل دخولهم في الصلاة ، وإنما عدلوا في صلاتهم إلى غير القبلة بالجهل منهم بها .
قيل له : وكيف يكون لله - عز وجل - فرض على من لم يعلم بفرضه إياه عليه ، وكان كذلك ألحقت فرائضه المجانين الذين لا علم معهم ، فلما كان المجانين بارتفاع العلم عنهم غير داخلين في الفرض ، كان كذلك من لم يعلم بالقرآن غير واجب عليه الفرض .
فإن قال قائل : فما تقولون في الرجل يسلم في دار الحرب أو في دار الإسلام ، فيمر عليه رمضان ولم يصمه ، أو تمر عليه صلوات فلم يصلها ، ولم يعلم أن الله - عز وجل - فرض شيئا من ذلك على المسلمين ، ثم علم بعد ذلك بأن هذا قد كان فرضا من الله - جل وعز - على المسلمين ؟
قيل له : قد قال أهل العلم في هذا قولين :
أحدهما : إنه إن كان في دار الحرب حيث لا يجد من يستعلم ذلك منه ، إنه لا يجب عليه قضاء شيء من ما مر عليه من صلاة أو صيام ، وإن كان في دار الإسلام أو في دار الحرب يحضره من يمكنه استعلام ذلك منه من المسلمين ، إنه يجب عليه قضاء ما مر عليه
[ ص: 160 ] من الصلوات والصيام ، لأنه قد كان عليه استعلام ذلك ممن يحضر به من المسلمين .
وممن ذهب إلى هذا القول ، منهم :
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة رحمه الله والآخر : أنه يقضي ما عليه من الصلوات والصيام ، ويستوي في ذلك مرور ذلك عليه في دار الحرب وفي دار الإسلام ، وممن قال ذلك منهم :
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف رحمه الله .
والقول عندنا في ذلك ما ذهب إليه أهل القول الأول مما قد ذكرناه في ذلك مما يدل عليه ، وليس على أهل
قباء من هذا شيء ، لأنهم كانوا على حقائق فرض قد كان لله - عز وجل - عليهم ، ولم يكن عليهم السؤال ولا الاستعلام عن زواله عنهم ، ولا عن حدوث غيره عليهم ، فلما لم يكن ذلك عليهم سقط عنهم الفرض الحادث الذي لم يعلموا إنه ليس كذلك من سواهم ممن عليه السؤال والاستعلام عن فرائض الله - عز وجل - عليه من يرجو وجود ذلك عنده من المسلمين .