تأويل قوله تعالى : ( وإذا كنت فيهم فأقمت لهم )
قال الله - عز وجل - : (
وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ) ، فكانت هذه الآية بعقب ذكر الخوف المذكور في الآية التي قبلها ، ولا نعلم اختلافا بين أهل العلم أن المراد بهذه الصلاة إذا كانوا في خوف .
وفي قوله - عز وجل - : (
وليأخذوا أسلحتهم ) وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم سورة النساء آية دليل على ذلك واضح ، وقد روي عن
أبي عياش الزرقي في سبب نزول هذه الآية ما :
372 - حدثنا
علي بن شيبة ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16813قبيصة بن عقبة ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17152منصور ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ، nindex.php?page=hadith&LINKID=672970عن أبي عياش الزرقي ، قال : " صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر بعسفان والمشركون بينه وبين القبلة ، فيهم أو عليهم nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد ، فقال المشركون : لقد كانوا في صلاة لو أصبنا منهم لكانت الغنيمة ، فقال المشركون : إنها ستجيء صلاة هي أحب إليهم من أبنائهم وآبائهم .
قال : ونزل جبريل عليه السلام بالآيات فيما بين الظهر والعصر ، فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العصر ، وصف الناس صفين ، وكبروا معه جميعا ، ثم ركع وركعوا معه جميعا ، ثم رفع ورفعوا معه جميعا ، ثم سجد وسجد الصف الذي يلونه ، وقام الصف المؤخر يحرسونهم بسلاحهم ، ثم رفع ورفعوا ، ثم سجد الصف الآخر ، ثم رفعوا وتأخر الصف المقدم ، وتقدم الصف المؤخر ، وكبر وكبروا معه جميعا ، ثم ركع وركعوا معه جميعا ، ثم رفع ورفعوا معه جميعا ، ثم سجد وسجد الصف الذي يلونه ، وقام الصف المؤخر يحرسونهم بسلاحهم ، ثم رفع ورفعوا جميعا ، ثم سجد الصف المؤخر ، ثم سلم عليهم وصلاها مرة أخرى في أرض بني سليم " .
ففي هذا الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما نزلت هذه الآية صلاها كذلك ،
[ ص: 200 ] .
وظاهر الآية لا يدل على هذا الفعل ، لأن الله - عز وجل - قال فيها : (
ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك ) .
ففي هذا دليل على أن دخول إحدى الطائفتين في الصلاة معه بعد دخول الطائفة الأخرى في الصلاة معه ، وفي الحديث الذي روينا أن دخول الطائفتين في الصلاة معه كان معا .
وقد رويت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آثار أخرى في
كيفية صلاة الخوف هي أولى بظاهر الآية التي تلونا .
373 - أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب أن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا حدثه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى بن سعيد ، عن
القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - ، عن
صالح بن خوات الأنصاري أن
سهل بن أبي حيثم حدثه ، أن
صلاة الخوف كذلك ، ولم يذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - .
ففي هذه الآثار دخول الطائفتين مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إحديهما بعد الأخرى في الصلاة ، وفيها صلاة الطائفة الأولى الركعة الثانية قبل صلاة الإمام إياها ، فكانت الآثار الأول أولى من هذه الآثار عندنا ، لأن فيها فعل الطائفتين جميعا كان بعد فراغ النبي - صلى الله عليه وسلم - من الصلاة .