صفحة جزء
178 - أخبرنا ابن أبي عاصم النبيل ، نا الحوطي ، نا الوليد بن مسلم ، نا محمد بن حمزة بن يوسف ، عن أبيه ، عن جده عبد الله بن سلام . وحدثنا الحسن بن محمد ، نا أبو زرعة ، نا محمد بن المتوكل ، نا الوليد بن مسلم ، نا محمد بن حمزة بن يوسف بن عبد الله بن سلام ، حدثني أبي ، عن جدي ، قال : قال عبد الله بن سلام : إن الله عز وجل لما أراد هدى زيد بن سعنة ، قال زيد : ما من علامات النبوة شيء إلا وقد عرفتها في وجه محمد صلى الله عليه وسلم حين نظرت إليه ، إلا اثنتان لم أخبرهما منه ، يسبق حلمه جهله ، ولا يزيده شدة الجهل إلا حلما ، فكنت أنطلق إليه لأخالطه فأعرف حلمه من جهله ، فخرج يوما من الحجرات يريد النبي صلى الله عليه وسلم ومعه علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فجاء رجل يسير على راحلته كالبدوي ، فقال : يا رسول الله ، إن قرية بني فلان أسلموا ، ودخلوا في الإسلام ، وحدثتهم أنهم إن أسلموا أتتهم أرزاقهم رغدا ، وقد أصابتهم سنة وشدة ، وقحوط من العيش ، وإني مشفق أن يخرجوا من الإسلام طمعا ، كما دخلوا فيه طمعا ، فإن رأيت أن ترسل إليهم بشيء تعينهم به فعلت فقال زيد بن سعنة : فقلت : أنا أبتاع منك بكذا وكذا وسقا فبايعني ، وأطلقت همياني وأعطيته ثمانين دينارا ، فدفعها إلى الرجل وقال : أعجل عليهم بها وأغثهم ، فلما كان قبل المحل بيوم أو يومين أو ثلاثة ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنازة بالبقيع ، ومعه أبو بكر وعمر في نفر من أصحابه ، فلما صلى على الجنازة ودنا من الجدار جذبت برديه جبذة شديدة حتى سقط عن عاتقه ، ثم أقبلت بوجه جهم غليظ فقلت : ألا تقضيني يا محمد ، فوالله ما علمتكم بني عبد المطلب لمطل ، وقد كان لي بمخالطتكم علم . قال زيد : فارتعدت فرائص عمر رضي الله عنه ، كالفلك المستدير ، ثم رمى ببصره ، ثم قال : أي عدو الله أتقول هذا لرسول الله ؟ [ ص: 476 ] وتصنع به ما أرى ؟ وتقول ما أسمع ؟ فوالذي بعثه بالحق لولا ما أخاف فوته لسبقني رأسك ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إلى عمر في تؤدة وسكون ، ثم تبسم ، ثم قال : لأنا أحوج إلى غير هذا ، أن تأمرني بحسن الأداء ، وتأمره بحسن اتباعه . إلى ههنا عن ابن أبي عاصم ، وزاد أبو زرعة في حديثه : اذهب به يا عمر فاقض حقه وزده عشرين صاعا من تمر ، مكان ما رعته . قال زيد بن سعنة : فذهب بي عمر رضي الله عنه فقضاني حقي ، وزادني عشرين صاعا من تمر ، فقلت : ما هذا ؟ قال : أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أزيدك مكان ما رعتك ، فقلت : أتعرفني يا عمر ؟ قال : لا ، فمن أنت ؟ قال : أنا زيد بن سعنة ، قال : الحبر ؟ قلت : الحبر ، قال : فما دعاك إلى أن تفعل برسول الله صلى الله عليه وسلم ما فعلت ؟ وتقول له ما قلت ؟ قلت : يا عمر إنه لم يبق من علامات النبوة شيء إلا وقد عرفتها في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نظرت إليه ، إلا اثنتان لم أخبرهما منه ، يسبق حلمه جهله ، ولا يزيده شدة الجهل عليه إلا حلما ، فقد اختبرته منه ، فأشهدك يا عمر أنني قد رضيت بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ، وأشهدك أن شطر مالي فإن أكثرها مالا صدقة على أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، فقال عمر : أو على بعضهم ، فإنك لا تسعهم كلهم ، قلت : أو على بعضهم قال : فرجع عمر وزيد بن سعنة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال زيد : أشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله . فآمن به وصدقه وبايعه وشهد معه مشاهد كثيرة . [ ص: 477 ]

[ ص: 478 ] [ ص: 479 ] [ ص: 480 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية