إخواني ، فتأملوا هذا الخطاب واعقلوا عن مولاكم واعرفوا السبب الذي به أعد الله الخيرات والجنات هل تجدونه غير الإيمان والعمل . ولقد آمن قوم من أهل مكة وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وصدقوا التنزيل واتبعوا الرسول فاستثناهم الله عز وجل وميزهم من أهل حقائق الإيمان ، فقال :
قال الشيخ : فتفهموا رحمكم الله هذا الخطاب وتدبروا كلام ربكم عز وجل وانظروا هل ميز الإيمان من العمل أو هل أخبر في شيء من هذه الآيات أنه ورث الجنة لأحد بقوله دون فعله ؟ ألا ترون إلى قوله عز وجل : وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون .
فلم يفرد الإيمان حتى قال : كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله يقول أي بما في كتبه من أمره ونهيه وفرائضه وأحكامه ثم حكى ذلك عنهم حين صدقهم في قولهم وفعلهم ، فقال :
فجمع القول والعمل في هذه الآية . وقال الله عز وجل : فمن زعم أنه يقر بالفرائض ولا يؤديها ويعلمها وبتحريم الفواحش والمنكرات ولا ينزجر عنها ولا يتركها وأنه مع ذلك مؤمن فقد كذب بالكتاب وبما جاء به رسوله ومثله كمثل المنافقين الذين قالوا :
[ ص: 790 ] فأكذبهم الله ورد عليهم قولهم وسماهم منافقين مأواهم الدرك الأسفل من النار على أن المنافقين أحسن حالا من المرجئة لأن المنافقين جحدوا العمل وعملوه والمرجئة أقروا بالعمل بقولهم وجحدوه بترك العمل به فمن جحد شيئا وأقر به بلسانه وعمله ببدنه أحسن حالا ممن أقر بلسانه وأبى أن يعمله ببدنه فالمرجئة جاحدون لما هم به مقرون ومكذبون بما هم به مصدقون فهم أسوأ حالا من المنافقين . ويح لمن لم يكن القرآن والسنة دليله فما أضل سبيله وأكسف باله وأسوأ حاله .