1434 - حدثنا
القافلاي ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14304عباس بن محمد الدوري ، قال : حدثنا
محاضر ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15957سالم بن أبي الجعد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله ، قال :
أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل من الأنصار ، فقال : يا رسول الله! لي جارية ، أفأعزل عنها ؟ قال : " سيأتيها ما قدر لها " قال : فذهب ، ثم جاء ، فقال : يا رسول الله! ألم تر إلى الجارية التي سألتك عنها ، فإنها قد حبلت ، قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما قدر الله لنفس أن تخرج إلا وهي كائنة " .
قال الشيخ : فجميع ما قد ذكرته لك واجب على المسلمين معرفته والإيمان به ، والإذعان لله عز وجل والإقرار له بالعلم والقدرة ، وأنه ليس شيء
[ ص: 44 ] كان ولا هو كائن إلا وقد علمه الله عز وجل قبل كونه ثم كان بمشيئة الله وقدرته ، فمن زعم أن الله عز وجل شاء لعباده الذين جحدوه وكفروا به وعصوه الخير والإيمان به والطاعة له ، وأن العباد شاؤوا لأنفسهم الشر والكفر والمعصية ، فعملوا على مشيئتهم في أنفسهم واختيارهم لها خلافا لمشيئته فيهم فكان ما شاؤوا ولم يكن ما شاء الله ، فقد زعم أن مشيئة العباد أغلب من مشيئة الله وأنهم أقدر على ما يريدون منه على ما يريد ، فأي افتراء على الله يكون أكثر من هذا ؟ !
ومن زعم أن أحدا من الخلق صائر إلى غير ما خلق له وعلمه الله منه ، فقد نفى قدرة الله عز وجل عن خلقه ، وجعل الخلق يقدرون لأنفسهم على ما لا يقدر الله عليه منهم ، وهذا إلحاد وتعطيل وإفك على الله عز وجل وكذب وبهتان ، ومن زعم أن الزنا ليس بقدر قيل له : أرأيت هذه المرأة التي حملت من الزنا وجاءت بولدها ، هل شاء الله أن يخلق هذا الولد ، وهل مضى هذا في سابق علم الله ، وهل كان في الذرية التي أخذها عز وجل من ظهر
آدم ؟ فإن قال : لا ، فقد زعم أن مع الله خالقا غيره وإلها آخر ، وهذا قول يضارع الشرك ، بل هو الشرك الصارح ، تعالى الله عما تقول الملحدة القدرية علوا كبيرا .
ومن زعم أن السرقة وشرب الخمر وأكل مال الحرام ليس بقضاء وقدر من الله لقد زعم أن هذا الإنسان قادر على أن يأكل رزق غيره ، وأن ما أخذه وأكله وملكه وتصرف فيه من أحوال الدنيا وأموالها كان إليه وبقدرته ، يأخذ منها ما يشاء ، ويدع ما يشاء ، ويعطي من يشاء ، ويمنع من يشاء ، إن شاء أغنى نفسه أغناها ، وإن شاء أن يفقرها أفقرها ، وإن أحب أن يكون ملكا كان ، وإن أحب غير ذلك كان ، وهذا قول يضارع قول المجوسية ، بل ما كانت تقوله الجاهلية ، لكنه أكل رزقه ، وقضى الله له أن يأكله من الوجه الذي أكله .
ومن زعم أن قتل النفس ليس بقدر ، فقد زعم أن المقتول مات بغير أجله ، وأن الله عز وجل كتب للمقتول أجلا علمه وأحصاه وشاء وأراده ، وأن قاتله شاء
[ ص: 45 ] أن يفني عمره ويقطع أجله قبل بلوغ مدته وإحصاء عدته ، فكان ما أراده القاتل ، وبطل ما أحصاه الله وكتبه وعلمه ، فأي كفر يكون أوضح وأقبح وأنجس وأرجس من هذا ؟ بل ذلك كله بقضاء الله وقدره ، وكل ذلك بمشيئته في خلقه وتدبيره فيهم ، قد وسعه علمه ، وأحصاه وجرى في سابق علمه ومسطور كتابه ، وهو العدل الحق يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد
لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ولا يقال : لما فعله وقدره وقضاه كيف ولا لم ، فمن جحد أن الله عز وجل قد علم أفعال العباد وكل ما هم عاملون ، فقد ألحد وكفر ، ومن أقر بالعلم ، لزمه الإقرار بالقدر والمشيئة على الصغر منه والقما ، فالله الضار النافع ، المضل الهادي ، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ، لا معقب لحكمه ، ولا راد لقضائه ، ولا منازع له في أمره ، ولا شريك له في ملكه ، ولا غالب له في سلطانه ، خلافا للقدرية الملحدة .