باب ذكر مناظرة هذا الشيخ بحضرة الواثق نقلتها من كتب بعض شيوخ بلدتنا ، وكتبتها من أصل كتابه ، وهي أتم من هذه وأشبع في حجاجها ، فأعدتها لموضع الزيادة قال الشيخ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أبو عبد الله : رأيت في كتب بعض شيوخنا بخطه :
453 - حدثنا
أبو موسى محمد بن أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن عيسى بن منصور ، قال : أخبرنا
صالح بن علي بن يعقوب بن المنصور ، قال : " كنت يوما بين يدي أمير المؤمنين
nindex.php?page=showalam&ids=15345المهتدي بالله رحمة الله عليه ، وقد جلس للنظر في المظالم للعامة ، فجعلت أنظر إليه ، فذكر نحو القصة الأولى أو شبيها بها حتى بلغ منها إلى قوله : يا
أحمد! أخبرني عن الله عز وجل حين نزل على رسوله في القرآن : اليوم أكملت لكم دينكم ، وقلت أنت : الدين لا يكون كاملا حتى يقال بمقالتك ، أكان الله الصادق في إكماله أم أنت الصادق في نقصانه ؟ فسكت
أحمد ، فقال الشيخ : يا أمير المؤمنين! هذه ثنتان . ثم قال الشيخ : " يا
أحمد! الكلمة التي يكون الله تعالى بها الأشياء من أي شيء خلقها ؟ " فسكت
أحمد ، فقال الشيخ : " ثلاث يا أمير المؤمنين! " .
ثم قال الشيخ : " يا
أحمد! أخبرني حيث كان الله في وحدانيته قبل أن يخلق الخلق كان تاما أو ناقصا ؟ " ، قال : بل تاما .
قال : " فكيف يكون تاما من لا كلام له " ، فسكت أحمد . فقال : أربع يا أمير المؤمنين!
[ ص: 276 ] .
قال الشيخ : " يا
أحمد! أكان الله عالما تام العلم ، أم كان جاهلا ؟ " فسكت
أحمد : فقال : خمس يا أمير المؤمنين! .
ثم قال الشيخ : " يا
أحمد! ، قوله :
ولكن حق القول مني الكلمة منه أم خلقها من غيره ؟ فأمسك
أحمد ، فقال : ست يا أمير المؤمنين! .
وذكر من القصة في القيد وغيرها شبيها بما مضى في الخبر الأول وزاد فيه : " قال
الواثق : يا شيخ زد
أحمد من هذه الحجج لعله يرجع عن هذه المقالة .
قال يا أمير المؤمنين! عليكم نزل العلم ، ومنكم اقتبسناه . ثم قال الشيخ : يا
أحمد! قد علمنا وعلمت أن الله عز وجل قال :
يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ، أليس ما أنزل الله على رسوله ؟ قال : نعم .
قال : فهل تقدر أن تقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغنا هذا الذي تدعونا إليه ؟ أم هذه المقالة في كتاب الله أو سنة نبيه حتى نتابعك عليها ، وإن قلت : إنه لم يبلغنا ، فقد نسبت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى التقصير في أمر الله ، وأنه كتم أمرا أمره الله إبلاغنا إياه ، فسكت
أحمد فلم يجبه بشيء .
قال الشيخ : يا
أحمد! قول الله عز وجل : يا
موسى : إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني ، أفيجوز أن يكون هذا مخلوقا ؟ فسكت
أحمد [ ص: 277 ] .
قال
الواثق : يا شيخ سلني حاجة . قال : حاجتي أن تردني الساعة إلى منزلي الذي أخرجت عنه ، فأمر برده مكرما .
قال
صالح : فقال أمير المؤمنين
nindex.php?page=showalam&ids=15345المهتدي بالله : فرجعت في ذلك اليوم عن تلك المقالة ، ورجع أمير المؤمنين
الواثق ، ولم نسمعه يناظر في شيء من ذلك القول حتى مات " .
[ ص: 278 ]