[ ص: 1 ] باب الإيمان بأن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة بأبصار رؤوسهم فيكلمهم ويكلمونه لا حائل بينه وبينهم ولا ترجمان
اعلموا رحمكم الله : أن أهل الجنة يرون ربهم يوم القيامة
[ ص: 2 ] .
وقالوا : إن الله لا يراه العباد ، ولا يكلمهم ، ولا يكلمونه ، فكذبوا بالقرآن والسنة ، وإنما أرادوا بجحد رؤيته إبطال ربوبيته ، لأنهم متى أقروا برؤيته أقروا بربوبيته ؛ لأن
الله تعالى جعل ثواب من صدق به بالغيب إيمانا أن يراه هذا عيانا . وقد أكذب الله
الجهمية فيما ردوه من كتاب الله وقول نبيه صلى الله عليه وسلم فأما ما نزل به القرآن .
قال الله تعالى :
وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة .
وقال الله تعالى
قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه .
وكفرت الجهمية بآيات ربهم ولقائه .
قالوا : إن الله لا يرى ولا يلقى ولا يتكلم .
وقال تعالى
من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت .
وقال :
وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم .
وقال
قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله [ ص: 3 ] ومدح أهل الجنة وذم أهل النار فقال : كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ثم إنهم لصالو الجحيم .
ثم
وصف أهل الجنة فقال : إن الأبرار لفي نعيم على الأرائك ينظرون تعرف في وجوههم نضرة النعيم ، مضاهئا لقوله
وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة .
فزعم الجهمي بكفره وجرأته على تكذيبه بكتاب ربه أن الأبرار والفجار جميعا محجوبون عن ربهم وقد أكذبه كتاب الله حين فرق بين الأبرار والفجار .
ولو كان الخلق كلهم محجوبين لما كان على الفجار في احتجاب ربهم نقص ولا كان ذلك بضائرهم ولا بصائرهم إلى حال مكروهة ولا مذمومة إذ هم والنبيون والشهداء والصالحون كلهم عن ربهم محجوبون ، ثم جاءت السنة بصحيح الآثار وعدالة أهل النقل والرواية بما يوافق ظاهر الكتاب وتأويله .