60 - سمعت
أبا بكر بن الأنباري النحوي ، يقول في قوله تعالى : وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ، ولو كان بمعنى منتظرة ما جاز أن تكون ناضرة ؛ لأن المنتظر على وجهه الحزن ؛ لأنه متوقع شيئا لم يحصل له ، والناضرة مسفرة ، مشرقة ، ضاحكة ، مستبشرة " .
ووجه آخر : أنه لو أراد بالناظرة : منتظرة ، كان يقول : لربها ناظرة ، ولم يقل :
إلى ربها ناظرة .
وقالت
الجهمية : معنى قوله تعالى :
من كان يرجو لقاء الله ، و
فمن كان يرجو لقاء ربه ، إنما هو كما تقول : لقيت خيرا ، ولقيت من فلان شرا ، وكما قال موسى :
لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا [ ص: 75 ] .
وهذا كله تأويل تأولته
الجهمية على غير أصل ، ولا علم بفصيح اللسان ، يلبسون بذلك على أهل الجهل ، ويموهون على من لا علم عنده .
وقد فرق الله بين ما قالوه وتأولوه ، وبين ما قلنا ، ألا ترى أنك تقول : لقيت منك ، ولقيت من فلان خيرا ، فإذا دخلت (من) جاز أن يكون كما تأولوه ، فإذا أردت لقاء النظر لم يجز أن يكون فيها (من) ، فإذا قلت لقيت فلانا ولقيتك ، كان ذلك بمعنى اللقاء والنظر لا غير ، وكذلك قال
موسى عليه السلام :
لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا ، أدخل فيها (من) ، وليس فيما احتججنا به من لقاء الله (من) .
قال الله تعالى :
من كان يرجو لقاء الله ،
فمن كان يرجو لقاء ربه .
وقال تعالى :
تحيتهم يوم يلقونه سلام .