باب الإيمان بأن الله سميع بصير ، ردا لما جحدته
المعتزلة الملحدة
قال الشيخ :
فالجهمية تجحد أن لله سمعا ، وبصرا ، وقالوا : معنى قوله : سميع بصير أن لا يخفى عليه شيء ، كقولك للمكفوف : ما أبصره بكيت وكيت ، فدل ذلك من قولهم على إبطال صفات الموصوف ، وردوا كتاب الله وجحدوا صفات الله التي وصف الله بها نفسه ، وقد أكذبهم الله عز وجل ورسوله .
واحتجوا بقوله :
ليس كمثله شيء ، فعدلوا عما نهى الله ، ووهموا على الضعفاء أنهم يريدون بنفي الصفات تنزيه الله ، وصرف التشبيه عنه ، وإنما أراد الله بقوله :
ليس كمثله شيء في القدرة ، والعظمة ، والعز والبقاء ، والسلطان ، والربوبية ؛ لأن الله عز وجل وصف نفسه بما يشاء ، ثم وصف خلقه بمثل تلك الصفات في الأسماء والصفات واحدة ، وليس الموصوف بها مثله .
قال الله عز وجل :
فأينما تولوا فثم وجه الله ، و
كل شيء هالك إلا وجهه . وقال :
فولوا وجوهكم شطره ، فذكر لنفسه وجها وذكر لخلقه وجوها .
[ ص: 320 ]
وقال
ويحذركم الله نفسه .
وقال :
تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك .
وقال :
واصطنعتك لنفسي .
وقال :
كل نفس ذائقة الموت .
وقال :
وكان الله سميعا بصيرا .
وقال :
فجعلناه سميعا بصيرا .
وقال :
لما خلقت بيدي .
وقال :
ذلك بما قدمت يداك .
وقال :
إن الله بكل شيء عليم .
وقال :
وبشروه بغلام عليم .
وقال :
والله غفور حليم .
وقال :
فبشرناه بغلام حليم .
وقال :
قوي عزيز .
وقال :
قالت امرأت العزيز .
وقال :
إن خير من استأجرت القوي الأمين .
وقال :
مالك يوم الدين ، وقال ،
وقال الملك ائتوني به .
[ ص: 321 ]
وقال :
وتوكل على الحي الذي لا يموت .
وقال :
بل أحياء عند ربهم يرزقون ، فهذه كلها وأمثالها ، ونظائرها وما لم نذكره من صفات الله التي وصف خلقه بمثلها وهو مع ذلك
ليس كمثله شيء كما أنه لم يبطل قولنا : فلان قوي عزيز ، وفلان رحيم ، وفلان حليم ، وفلان عالم ، وفلان ملك قومه ، وأشباه ذلك ، فذلك كله لا يبطل شيئا من صفات الله التي وصف بها نفسه .