قلت : بنقل عبارة جامع الفصولين ظهر خطأ من تصوير المسألة بما ذكره الحدادي في شرح القدوري من أنه إذا دفع إلى امرأة شيئا على أنها تتزوجه ثم امتنعت رجع بما كان قائما دون ما هلك منه . وظهر إخلال المصنف في نقل عبارة جامع الفصولين حيث أسقط تصوير المسألة من عبارته . قال بعض الفضلاء : ظاهره أنه لا فرق بين أن يكون المهر مسمى أو لا . ولقائل أن يقول هذا إذا كان المهر مسمى قياسا على المقبوض على سوم الشراء فإنه لا يكون مضمونا إلا بعد تسمية الثمن على ما عليه الفتوى ، فيكون المقبوض على سوم النكاح مضمونا إذا كان المهر مسمى وإلا فلا . ولم أر في المسألة نقلا ; غير أن إطلاق العبارة يقتضي الضمان مطلقا إلا أن يوجد نقل صريح بخلافه . وعليه فيحتاج إلى الفرق بينهما فإنه لا يضمن في الشراء إلا بعد تسمية الثمن . وكذا المقبوض على سوم الرهن فإنه لا يكون مضمونا إلا إذا سمى ما يرهن به في الأصح فيحتاج إلى الفرق بينهما أيضا . قال وقد ظهر لي فرق بين المقبوض على سوم الشراء والمقبوض على سوم الرهن وبين المقبوض على سوم النكاح وهو أن المهر مقدر شرعا [ ص: 99 ] من حيث هو والمقدر شرعا مسمى شرعا والمسمى شرعا معتبر مطلقا . ألا ترى أنه لو تزوج على أن لا مهر صح ويجب مهر المثل ، ولو اشترى على أن لا ثمن كان باطلا اعتبارا للتسمية الشرعية في المهر . ولهذا كان المقبوض على سوم النكاح مضمونا ، سواء سمى المهر أو لا لأنه مسمى شرعا فاعتبر ذلك لوجوب الضمان بخلاف الثمن . وما يرهن به فإن ذلك غير مقدر شرعا فلا بد من التسمية لوجوب الضمان فيهما ( انتهى ) .
ورده بعض الفضلاء قائلا : لم يظهر لي هذا الفرق لأن المقبوض على سوم الشراء إنما وجبت القيمة فيه إذا سمى الثمن فهلك المقبوض لأن كلا من الثمن والقيمة هو بدل العين ، فلما سمى أحدهما وجب الآخر . وأما المهر وإن كان مسمى شرعا فليس من جنس القيمة لأن المهر بدل المتعة كما هو مقرر ، والقيمة بدل العين فلا مناسبة بين المهر والقيمة فلا توجب تسمية أحدهما الآخر لأنه ليس من جنسه فلا دخل لتسمية المهر شرعا في وجوب القيمة كما لا يخفى عند التأمل . قال والذي ظهر لي في الفرق وهو أنه لما كان المقصود في البيع المال كان عدم ذكر الثمن دليلا على أن البائع إنما دفعه للمستأجر على وجه الأمانة والمستأجر إنما قبضه كذلك وأما إذا سمى ثمنا فهو مضمون بالقيمة لأنه متى بين ثمنا يكون الاستيام أخذا للعقد فيكون وسيلة للعقد فألحق بحقيقة العقد في حق الضمان دفعا للضرر عن المالك لأنه ما رضي بقبضه إلا بعوض فصار القابض ملتزما للعوض ، وعوضه الأصلي هو القيمة ما لم يصطلحا أو يتفقا على المسمى ، وصرح في الدرر والغرر من كتاب المضاربة بأن المقبوض على سوم الشراء مقبوض على وجه المبادلة ومتى لم يبن له ثمنا لم يكن أخذه للعقد فلا يمكن إلحاقه به