( 264 ) قوله : لا ينعزل القاضي بالردة . أقول في الواقعات الحسامية : الفتوى على أنه لا ينعزل بالردة فإن الفكر لا ينافي ابتداء القضاء في أحد الروايتين حتى لو قلد الكافر ثم أسلم هل يحتاج إلى تقليد آخر ؟ فيه روايتان ( انتهى ) .
ومنه يعلم أن تقليد الكافر صحيح وإن لم يصح قضاؤه حال كفره ، ونقله في الولوالجية وعلله بأن المرتد أمره موقوف وبأن الارتداد فسق ، وبنفس الفسق لا ينعزل . إلا أن ما قضى به الارتداد يكون باطلا . ثم قال : ولو حكما رجلا ثم ارتد ثم أسلم لم يجز حكمه إلا بتحكيم جديد وعلى قياس القاضي لا ينعزل ويحتمل أن يفرق بينهما بأن القاضي المقلد إنما يصير قاضيا بتقليد الإمام فلو قلنا بأنه ينعزل بالردة يحتاج إلى تقليد جديد ، وفيه حرج وإشاعة للفاحشة ، وهذا لا يجوز ; لأنه لو تاب صلح ، أما الحكم إنما صار قاضيا بتقليدهما ، ولا حرج في التقليد ثانيا فينعزل ( انتهى ) .
بقي أن ما ذكره المصنف رحمه الله مخالف لما في جامع الفصولين من الفصل الأول من أنه ينعزل بالردة . والجواب أن ما في جامع الفصولين مبني على خلاف المفتى به . قيل : ما ذكره المصنف رحمه الله لا يخلو عن إشكال إذ لازمه استمرار ولايته حال كفره فيلزم ثبوت ولاية الكافر على المسلم والجواب بأن أحكامه حينئذ غير نافذة على المسلم ، فإن استمرت ولايته لا يدفع [ ص: 397 ] الإشكال إذ المتبادر من قوله تعالى { ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا } انتفاء أصل الولاية لا ثبوتها مع عدم نفوذ الأحكام فتأمل ( انتهى ) .
أقول : يمكن أن يقال لا يلزم من عدم عزله بالردة استمرار ولايته على المسلم إذ أحكامه حال ردته باطلة ، كما تقدم عن الولوالجية لا صحيحة موقوفة ، وإنما تصح بعد إسلامه ، وإذا كان كذلك كان أصل الولاية منتفيا حال ردته ، وحينئذ فائدة عدم عزله بالردة عدم الاحتياج إلى تجديد التولية إذا أسلم . فليتأمل .
( 265 ) قوله : واختلف المشايخ رحمهم الله في القاضي . يعني منهم من قال : لا ينعزل ما لم يقدم قاض آخر ، ومنهم من فرق بينهما بأن الجمعة موقتة فلو لم يجمع الناس بعد العلم تفوتهم الجمعة ، وأما في حق القاضي ليس هنا شيء مؤقت بوقت يفوت بفوات الوقت فإذا علم بكتاب وخبر ينعزل . ( 266 ) قوله : فلا ينعزل إلا به . ; لأن العزل معلق بالشرط فما لم يوجد الشرط لا يثبت به العزل