( 29 ) قوله : الأولى القرض . يعني لا يلزم تأجيله ، وخالف مالك وقال : يلزم تأجيله فالخلاف بيننا وبينه في اللزوم لا في الصحة قلت وعلى هذا فقول الكنز : وصح تأجيل كل دين إلا قرض الصحة فيه بمعنى اللزوم والقرض كما في المدارك مال يقضى ببدل مثله من بعد ما سمى به ; لأن المقرض يقطعه من ماله فيدفعه إليه ( انتهى ) .
وإنما لم يلزم تأجيل القرض ; لأنه إعارة ولهذا لا يجوز الإقراض إلا من أهل التبرع ولو جاز أي لزم تأجيله لزم أن يمنع المقرض عن مطالبته قبل الأجل ولا جبر على المتبرع ، بخلاف ما لو أوصى أن يقرض من ماله فلانا ألفا إلى سنة حيث يلزم أن يقرضوه من ثلث ماله ولا يطالبوه قبل المدة ; لأنه وصية بالتبرع كالوصية بالخدمة فيصح تأجيله نظرا للموصى له كما في شرح المجمع لابن الملك .
( 30 ) قوله : الثانية الثمن عند الإقالة الثالثة الثمن بعد الإقالة إلخ .
قال بعض الفضلاء : يشكل على هذا ما صرح به في الجوهرة في باب السلم حيث قال : ويجوز تأجيل رأس مال السلم بعد الإقالة ; لأنه دين لا يجب قبضه في المجلس كسائر الديون [ ص: 100 ] انتهى ) .
فإن قضيته أن يصح تأجيل الثمن عند الإقالة وبعدها بل أولى ومقتضى كلام القنية عدم صحة التأجيل كما في مسألة السلم المذكورة في الجوهرة إلا أن يقال : في المسائل الثلاث اختلاف الرواية وإلا فالفرق في ذلك عسير بل متعذر ( انتهى ) .
وقال بعض الفضلاء الثالثة ذكرها صاحب القنية بلفظ : ينبغي أن لا تصح عند الإمام فإن الشرط بعد العقد عنده يلتحق بأصل العقد وهذا بحث ينبغي أن لا يعول عليه فإن عموم قولهم المشهور أن كل دين أجله صاحبه صح إلا لقرض يشمل هذه الصورة ولو بعد العقد فأما القرض فوجه عدم صحة تأجيله ظاهر وهو أنه عارية والتأجيل فيها غير لازم فليتأمل ( انتهى ) .
قال بعض الفضلاء : قد تأملت هذا البحث فوجدته واهيا ورأيت الشيخ فيه ساهيا ; لأن أصحاب المتون عدوا الإقالة بما لا تبطل بالشروط الفاسدة وأطلقوا فشمل ما إذا كان في صلب العقد أو خارجه وقد مثل لذلك الفاضل مسكين في شرح الكنز بقوله : لو اشترى رجل من آخر عبدا بألف وتقابضا ثم قال البائع أقلني حتى أؤخر عنك الثمن سنة فقال أقلت جازت الإقالة دون التأخير ( انتهى ) .