وتفرع على الثانية أنها لو هلكت في زمان إمساكها عنده يضمنها ، لأنه لما لم يجب الأجر لم يكن مأذونا في إمساكها ، بخلاف ما إذا استأجرها للركوب في المصر فهلكت بعد إمساكها . [ ص: 111 ]
في البزازية : إنما يجب الأجر في الفاسد بحقيقة الاستيفاء إذا وجد التسليم من جهة الإجارة وإن كان التسليم إليه لا من جهة الإجارة لا تجب الأجرة وإن وجد حقيقة الاستيفاء .
واعلم أن التمكن من استيفاء المنافع إنما يوجب الأجر بشرطين أحدهما أن يتمكن في المكان الذي أضيف العقد إليه ، الثاني أن تكون في المدة المضاف إليه العقد .
فما ذكره المصنف رحمه الله من الصورة الثانية محترز القيد الأول وأطلق المصنف رحمه الله الأجر ولم يبين هل المراد المسمى أو أجر المثل هل يجب بالغا ما بلغ أو لا يتجاوز المسمى ؟ فأقول : إن فسدت بجهالة المسمى أو بعدم التسمية يجب أجر المثل بالغا ما بلغ وإن لم تفسد بهما بل بالشرط أو بالشيوع الأصلي أو بجهالة الوقت والمسمى معلوم لم يزد أجر المثل على المسمى . ( 7 ) قوله :
وظاهر ما في الإسعاف إلخ حيث قال : ولو استأجر أرضا أو دار وقف إجارة فاسدة فزرعها أو سكنها تلزمه أجرة مثلها لا يتجاوز المسمى ولو لم يزرعها أو لم يسكنها لا تلزمه أجرة وهذا على قول المتقدمين ( انتهى ) .
ويفهم من قوله " على قول المتقدمين " أن على قول المتأخرين يلزمه الأجر ( 8 ) قوله :
فلا أجر له كما في الخانية إلخ .
عبارتها : رجل استأجر قميصا ليلبسه ويذهب إلى مكان كذا فلبسه في منزله ولم يذهب إلى ذلك المكان ، اختلفوا فيه قال [ ص: 110 ] الفقيه أبو بكر البلخي لا أجر له لأنه مخالف ضامن ، وقال الفقيه أبو الليث عندي عليه الأجر ولا يكون مخالفا لأن الأجر مقابل باللبس لا بالذهاب إلى ذلك الموضع وإنما ذكر الذهاب إلى ذلك الموضع ليكون مأذونا في الذهاب به إلى ذلك المكان .
قال رحمه الله وعلى هذا الخلاف ما لو استأجر دابة ليركبها إلى موضع كذا فركبها في المصر في حوائجه ولم يذهب إلى ذلك المكان فإنه يكون مخالفا ضامنا ولا أجر عليه لأن في إجارة الدابة بيان مكان الركوب شرط لصحة الإجارة ، لأن الركوب في بعض المواضع وبعض الطرق قد يكون أضر بالدابة فيكون ذكر المكان للتقييد ، فأما في إجارة الثوب لا يشترط بيان مكان اللبس وإنما يشترط بيان الوقت لأن اللبس في بعض الأوقات قد يكون أضر من البعض .
قالوا في الوجه الأول إنما يضمن إذا أمسك زمانا لا يمسك مثله للخروج إلى ذلك المكان عادة فيرجع فيه إلى العادة أن من استأجر دابة إلى الخروج إلى ذلك المكان إن قدر يمسكها ليتهيأ له الخروج إلى ذلك المكان . ( 9 ) قوله :
وفي الولوالجية : عليه لكل يوم دانق إلى [ ص: 111 ] الوقت الذي لو لبسه إلى ذلك الوقت لخرق فإذا تخرق سقط عنه الأجر لأن في اليوم الأول الإجارة منعقدة وفي الثاني والثالث مضافة وإنما ينعقد العقد عليه بدخوله وهو في يده فدخل وهو قادر على الانتفاع به لأنه ليس في وسع الأجر إلا التمكين وقد وجد فتجب الأجرة كمن استأجر دارا ليسكنها فقبضها وأخذ المفتاح ولم يسكن حتى مضت المدة كانت الأجرة عليه كذا ههنا .
وروي عن محمد رحمه الله مثل هذا ( انتهى ) .
ومنه يتضح عبارة المصنف رحمه الله ويظهر أن لا صحة لهذا الاستثناء كما هو ظاهر . ( 10 ) قوله :
كما في فروق الكرابيسي .
الصواب كما في فروق المحبوبي وعبارته إذا استأجر دابة ليركبها يوما إلى الليل فجلس في بيته ولم يركب فهلكت الدابة ، إن استأجرها ليركبها خارج المصر يضمن وإن استأجرها ليركبها في المصر لا يضمن لأن في الفصل الأول بهذا الحبس لا يوجب الأجر فلم يكن مأذونا وفي الفصل الثاني يجب الأجر بهذا الحبس فيكون مأذونا