وقد أوسع الكلام فيه الإمام الشبلي رحمه الله تعالى قاضي القضاة من الحنفية ، كما ذكره شيخ الإسلام ابن حجر في كتابه المسمى " ببذل الماعون في فوائد فصل الطاعون " وقد طالعته في تلك السنة من أوله إلى آخره ، وقد ذكر فيه أن المرجح عند متأخري الشافعية أن الطاعون إذا ظهر في بلد أنه مخوف إلى أن يزول عنها ; فتعتبر تصرفاته من الثلث كالمريض .
41 - وعند المالكية روايتان والمرجح منهما عندهم أن حكمه حكم الصحيح . وأما الحنفية فلم ينصوا على خصوص المسألة ولكن قواعدهم تقتضي أن يكون الحكم كما هو المصحح عند المالكية ، وهكذا قال لي جماعة من علمائهم ( انتهى ) . قلت إنما كانت قواعدنا أنه في حكم الصحيح ; لأنهم قالوا في باب طلاق المريض : لو طلق الزوج وهو محصور أو في صف القتال لا يكون في حكم المريض . فلا ميراث لزوجته ; لأن الغالب السلامة ، 42 - بخلاف من بارز رجلا أو قدم ليقتل بقود أو رجم فإنه في [ ص: 138 ] حكم المريض ; لأن الغالب الهلاك ( انتهى ) . وغاية الأمر في الطاعون أن يكون من نزل ببلدهم كالواقفين في صف القتال ; فلذا قال جماعة من علمائنا لابن حجر : إن قواعدنا تقتضي أن يكون كالصحيح ، يعني قبل نزوله بواحد ، أما إذا طعن واحد فهو مريض حقيقة وليس الكلام فيه إنما هو فيمن لم يطعن من أهل البلد الذي نزل بهم الطاعون .
[ ص: 137 ] قوله : وعند المالكية روايتان والمرجح عندهم إلخ أقول : الذي في خط المصنف والمرجح منهما .
( 42 ) قوله : بخلاف من بارز رجلا إلخ قيل في كون الغالب الهلاك فيمن [ ص: 138 ] بارز رجلا واحدا نظر خصوصا إذا كان هذا المبارز أقوى وأشجع من قرينه ، اللهم إلا أن يخرج إلى جماعة .