ففقه القضاء أعم ; لأنه العلم بالأحكام الكلية ، وعلم القضاء الفقه بالأحكام الكلية مع العلم بكيفية تنزيلها على النوازل الواقعة ، ومن هذا المعنى ما ذكره ابن الرفيق ، أن أمير [ ص: 146 ] إفريقية استفتى nindex.php?page=showalam&ids=12311أسد بن الفرات في دخوله الحمام مع جواريه دون ساتر له ولهن . فأفتاه بالجواز ; لأنهن ملكه . وأجاب أبو محرز بمنع ذلك وقال له : إن جاز للملك النظر إليهن وجاز لهن النظر إليه ، لم يجز لهن نظر بعضهن إلى بعض . فأهمل أسد إعمال النظر في هذه الصورة الجزئية فلم يعتبرها لهن فيما بينهن واعتبرها أبو محرز رحمه الله ، والفرق المذكور هو أيضا الفرق بين علم الفتيا وفقه الفتيا ; ففقه الفتيا هو العلم بالأحكام الكلية ، وعلمها هو العلم بتلك الأحكام مع ترتيبها على النوازل . ولما ولي الشيخ الفقيه الصالح أبو عبد الله بن شعيب رحمه الله قضاء القيروان ومحل تحصيله في الفقه وأصوله شهيرة . فلما جلس الخصوم إليه وفصل بينهم دخل منزله مقبوضا . فقالت له زوجته : ما شأنك ؟ فقال لها : عسر علي علم القضاء . فقالت له : رأيت الفتيا عليك سهلة ، اجعل الخصمين كمستفتيين سألاك . قال فاعتبرت ذلك فسهل علي ( انتهى ) .
( 3 ) قوله : الفرق بين علم القضاء وفقه القضاء فرق ما إلخ الفرق مبتدأ . وقوله فرق ما إلخ خبره بإضافة فرق إلى ما . والفرق الذي بين الأخص والأعم أنه يلزم من وجود الأخص وجود الأعم ولا يلزم من وجود الأعم وجود الأخص ، ويلزم من نفي الأعم نفي الأخص ولا يلزم من نفي الأخص نفي الأعم .