. [ ص: 162 ] الفن الرابع من الأشباه والنظائر وهو فن الألغاز الحمد لله أولا وآخرا ، والصلاة والسلام على من كملت محاسنه باطنا وظاهرا ( وبعد ) فهذا هو الفن الرابع من الأشباه والنظائر ; وهو فن الألغاز ، 1 - جمع لغز قال في الصحاح : ألغز في كلامه إذا عمى مراده ، والاسم اللغز والجمع الألغاز مثل رطب وأرطاب ، وأصل اللغز جحر اليربوع بين [ ص: 163 ] القاصعاء والنافقاء يحفر مستقيما إلى أسفل ثم يعدل عن يمينه وشماله عروضا يعترضها فيخفي مكانه بتلك الألغاز ( انتهى ) وقد طالعت قديما حيرة الفقهاء والعمدة فرأيتهما اشتملا على كثير من ذلك ، ثم رأيت قريبا الذخائر الأشرفية في الألغاز للسادة الحنفية لشيخ الإسلام عبد البر بن الشحنة تاركا لما فرع على قول ضعيف أو كان ظاهرا .
[ ص: 162 ] قوله : جمع لغز . بضم اللام وفتح الغين المعجمة كما يدل على ذلك عبارة الصحاح التي نقلها وقيل جمع لغز بفتح اللام وهو ميلك بالشيء عن وجهه وقيل الطريق المنحرفة سمي به لانحرافه عن نمط ظاهر الكلام ويسمى اللغز أحجية أيضا ; لأن الحجا هو العقل وهذا النوع يقوي العقل عند التمرن والفقهاء يسمون هذا النوع ألغاز أو أهل الفرائض يسمونه معاماة والنحاة معمى واللغويون الأحاجي كذا بخط الشمس الغزي وذكر بعضهم أن هذا النوع يسمى أيضا بالمغالطات المعنوية وهي تطلق ويراد بها شيئان أحدهما دلالة اللفظ على معنيين بالاشتراك الوضعي والآخر دلالة اللفظ على معنى ونقيضه . واللغزة والأحجية شيء واحد وهو معنى يستخرج بالحدث والحزر لا بدلالة اللفظ عليه حقيقة ولا مجازا ولا يفهم من عرضه لأن قول القائل في الفرس :
وصاحب لا أمل الدهر صحبته يشقى لنفعي ويسعى سعي مجتهد [ ص: 163 ] ما إن رأيت له شخصا فمذ وقعت عيني عليه افترقنا فرقة الأبد