نشأت من هذه القاعدة قاعدة رابعة ، وهي ما 35 - إذا تعارض مفسدتان روعي أعظمهما ضررا بارتكاب أخفهما .
قال الزيلعي في باب شروط الصلاة : ثم الأصل في جنس هذه المسائل أن من ابتلي ببليتين ، وهما متساويتان يأخذ بأيتهما شاء ، وإن اختلفا يختار أهونهما ; لأن مباشرة الحرام لا تجوز إلا للضرورة ولا ضرورة في حق الزيادة .
ألا ترى أن ترك السجود جائز حالة الاختيار في التطوع على الدابة 36 - ، ومع الحدث لا يجوز بحال .
وكذا شيخ لا يقدر على القراءة قائما ويقدر عليها قاعدا ، يصلي قاعدا ; لأنه يجوز حالة الاختيار في النفل 37 - ولا يجوز ترك القراءة بحال ، ولو صلى في الفصلين قائما مع الحدث ، وترك القراءة لم يجز ، ولو كان معه ثوبان نجاسة كل واحد منهما أكثر من قدر الدرهم ، يتخير ما لم يبلغ أحدهما قدر ربع الثوب لاستوائهما في المنع ، ولو كان دم أحدهما قدر الربع ، ودم الآخر أقل يصلي في أقلهما دما ، ولا يجوز عكسه ; لأن للربع حكم الكل ، ولو كان في كل واحد منهما قدر الربع أو كان في أحدهما أكثر 38 - لكن لا يبلغ ثلاثة أرباعه ، وفي الآخر قدر الربع ، صلى في أيهما شاء ; لاستوائهما في الحكم ، والأفضل أن يصلي في أقلهما نجاسة .
ولو كان ربع أحدهما طاهرا ، والآخر أقل من الربع يصلي في الذي ربعه طاهر ، ولا يجوز في العكس .
ولو كان الثوب يغطي جسدها ، وربع رأسها وتركت تغطية الرأس لا يجوز ، ولو كان يغطي أقل من الربع لا يضرها تركه ; لأن للربع حكم الكل ، وما دونه لا يعطى له حكم الكل والستر أفضل تقليلا للانكشاف ( انتهى )
( 35 ) قوله : إذا تعارض مفسدتان إلخ : فيه أن هذا عين السابقة في الحقيقة ، واختلف العنوان لا غير فتأمل [ ص: 287 ]
قوله : ومع الحدث لا يجوز بحال ، لا يقال تجوز الصلاة معه لصاحب العذر ; لأنا نقول : المراد عدم جوازها معه لغير صاحب العذر .
( 37 ) قوله : ولا يجوز ترك القراءة بحال ، يعني لغير الأخرس والأمي ( 38 ) قوله : لكن لا يبلغ ثلاثة أرباعه : مفهومه أنه إذا بلغ لم يكن الحكم كذلك ، ولا يخفى أن كون الربع يقوم مقام الكل يقتضي التساوي ، وإن بلغ ثلاثة أرباعه وقضيته أنه يتخير حينئذ أيضا فلا يكون للتقييد فائدة