563 - في حديث آخر :
nindex.php?page=hadith&LINKID=942360 " لكل نبي حواري ، وحواريي الزبير " .
فإن قيل : فإن
عيسى ابن مريم كان سياحا جوابا للقفار والبراري .
كذلك كان سياحة
محمد صلى الله عليه وسلم أعظم ، وأكثر ، الجهاد ، فاستنفد في عشر سنين ما لا يعد من حاضر وباد ، وافتتح القبائل الكثيرة صلى الله عليه وسلم من مبعوث بالسيف ، لا يوري بالكلام ، ومجاهد في سبيل الله لا ينام إلا على دم ، ولا مستقرا إلا متجهزا لقتال الأعداء ، وباعثا إليهم سرية في إقامة الدين ، وإعلاء الدعوة وإبلاغ الرسالة .
فإن قيل : فإن
عيسى كان زاهدا ، يقنعه اليسير ، ويرضيه القليل خرج من الدنيا كفافا لا له ولا عليه .
قلنا : إن
محمدا صلى الله عليه وسلم أزهد الأنبياء ، كالثلاثة عشر . . . من يطيف به ، فما رفعت مائدته قط وعليها طعام ، ولا شبع من خبز بر ثلاث ليال متواليات ، وكان يربط الحجر على بطنه ، لباسه الصوف ، وفراشه إهاب شاة ، ووسادته من أدم حشوها ليف ، يأتي عليه الشهران والثلاثة لا يوقد في بيته نار المصباح . توفي ودرعه مرهونة ، لم يترك صفراء ولا بيضاء ، مع ما عرض عليه من مفاتيح خزائن الأرض ، ووطئ له من البلاد ، ومنح من غنائم العباد ، فكان يقسم في اليوم الواحد ثلاثمائة
[ ص: 624 ] ألف ، ويعطي الرجل مائة من الإبل والخمس ، ويعطي ما بين الجبلين من الأغنام ، ويمسي ويأتيه السائل فيقول :
" والذي بعثك بالحق ما أمسى في آل محمد صاع من شعير ولا من تمر ، أجوع يوما وأشبع يوما ، فإذا جعت تضرعت ، وإذا شبعت حمدت " وكيف لا يكون ذلك لمن عظمه الله فقال تعالى
وإنك لعلى خلق عظيم .
فإن قيل : فإن
عيسى عليه السلام رفع إلى السماء .
قلنا : قد عرض على
محمد صلى الله عليه وسلم البقاء عند وفاته ، فاختار ما عند الله وقربه على البقاء في الدنيا ، فقبضه الله ورفع روحه إليه ، ولو اختار البقاء في الدنيا لكان
كالخضر وإلياس وعيسى عليهم السلام عند الله في سماواته ، وفي عالمه في أرضه ، لأن
عيسى مقيم في السماء ،
وإلياس والخضر يجولان في السماوات والأرضين ، مع أن قوما من أمة نبينا صلى الله عليه وسلم رفعوا كما رفع
عيسى عليه السلام ، وذلك رفع
عامر بن فهيرة مولى أبي بكر الصديق والناس ينظرون ، ودفن
nindex.php?page=showalam&ids=386العلاء بن الحضرمي ، ومات في خلافة
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر باليمن في أرض العدو ، فخافوا أن ينبش قبره ويستخرج فذهبوا يطلبونه لينقل من أرض العدو في يومهم الذي دفنوه فيه ، فلم يقدروا عليه ولا يدرى أين ذهب به .