قدم وفد إياد على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألهم عن قس بن ساعدة الإيادي فقالوا : [ ص: 265 ] هلك يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لقد شهدته في الموسم بعكاظ وهو على جمل أحمر - أو على ناقة حمراء - وهو ينادي في الناس : أيها الناس اجتمعوا واسمعوا وعوا، واتعظوا تنتفعوا، من عاش مات، ومن مات فات، وكل ما هو آت آت، أما بعد، فإن في السماء لخبرا وإن في الأرض لعبرا، نجوم تغور ولا تفور، وبحار تفور ولا تغور، وسقف مرفوع، ومهاد موضوع، وأنهار ونبوع " أقسم قس قسما بالله لا كذبا ولا آثما لتتبعن الأمر سخطا، ولئن كان في بعضه رضا، إن في بعض لسخطا، وما هو باللعب وإن من وراء هذا للعجب، أقسم قس قسما بالله لا كذبا ولا آثما، إن لله دينا هو أرضى له من دين نحن عليه، ما بال الناس يذهبون ولا يرجعون، أرضوا فأقاموا ؟ أم تركوا فناموا ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ثم أنشد قس بن ساعدة أبياتا من الشعر لم أحفظها عنه، فقام nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فقال : أنا حضرت ذلك المقام وحفظت تلك المقالة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما هي ؟ " ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر رضي الله عنه قال : قس بن ساعدة في آخر كلامه :
في الذاهبين الأولين من القرون لنا بصائر [ ص: 266 ] لما رأيت مواردا
للموت ليس لها مصادر ورأيت قومي نحوها
تمضي الأكابر والأصاغر ولا يرجع الماضي إلي
ولا من الباقين غابر أيقنت أني لا محالة
حيث صار القوم صائر "
ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على وفد إياد، فقال : "هل وجد لقس بن ساعدة وصية ؟ " قالوا : نعم، وجدوا له صحيفة تحت رأسه مكتوبا فيها :
يا ناعي الموت والأموات في جدث عليهم من بقايا ثوبهم خرق
دعهم فإن لهم يوما يصاح بهم كما ينبه من نوماته الصعق
منهم عراة وموتى في ثيابهم منها الجديد ومنها الأورق الخلق،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "والذي بعثني بالحق لقد آمن قس بالبعث"