صفحة جزء
العقبة الثالثة

وخرج إلى الموسم جماعة كبيرة ممن أسلم من الأنصار يريدون لقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في جملة قوم كفار منهم لم يسلموا بعد، فوافوا مكة . وكان في جملتهم البراء بن معرور، فرأى أن يستقبل الكعبة في الصلاة، وكانت القبلة إلى بيت المقدس. فصلى كذلك طول طريقه. فلما قدم مكة ندم، فاستفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: قد كنت على قبلة لو صبرت عليها، منكرا لفعله.

فواعدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة من أواسط أيام التشريق. فلما كانت تلك الليلة دعا كعب بن مالك ورجال من بني سلمة عبد الله بن عمرو بن حرام وكان سيدا فيهم، إلى الإسلام، ولم يكن أسلم، فأسلم تلك الليلة وبايع. وكان ذلك سرا ممن حضر من كفار قومهم. فخرجوا في ثلث الليل الأول متسللين من رحالهم إلى العقبة، فبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها على أن يمنعوه مما يمنعون منه أنفسهم ونساءهم وأبناءهم وأن يرحل إليهم هو وأصحابه.

وحضر العباس العقبة تلك الليلة متوثقا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ومؤكدا على أهل يثرب، وكان يومئذ على دين قومه لم يسلم. وكان للبراء بن معرور في تلك الليلة المقام المحمود في [ ص: 71 ] التوثق لرسول الله صلى الله عليه وسلم والشد لعقد أمره. وهو أول من بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الليلة: ليلة العقبة [ الثالثة ]. وكذلك كان مقام أبي الهيثم بن التيهان، والعباس بن نضلة يومئذ.

وكان المبايعون لرسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الليلة سبعين رجلا وامرأتين. واختار رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم اثني عشر نقيبا، وهم:

أسعد بن زرارة بن عدس أبو أمامة، وهو أحد الستة، وأحد الاثني عشر، وأحد السبعين، وسعد بن الربيع ، وعبد الله بن رواحة، ورافع بن مالك بن العجلان وهو أيضا أحد الستة وأحد الاثني عشر وأحد السبعين، والبراء بن معرور، وعبد الله بن عمرو بن حرام، وسعد بن عبادة بن دليم، والمنذر بن عمرو بن خنيس، وعبادة بن الصامت وهو أحد الستة في قول بعضهم، وأحد الاثني عشر وأحد السبعين.

فهؤلاء تسعة من الخزرج، وثلاثة من الأوس:

أسيد بن حضير، وسعد بن خيثمة بن الحارث، ورفاعة بن عبد المنذر.

وهؤلاء هم النقباء. وقد أسقط قوم رفاعة بن عبد المنذر منهم، وعدوا مكانه أبا الهيثم بن التيهان، والله أعلم [ ص: 72 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية