يا جاعل الدين له بازيا يصطاد أموال المساكين
تقول أكرهت فما حيلتي زل حمار العلم في الطين
[لا تبع الدين بدنيا كما ] يفعل ضلال الرهابين
رأيت الذنوب تميت القلوب ويورثك الذل إدمانها
وترك الذنوب حياة القلوب وخير لنفسك عصيانها
وهل بدل الدين إلا الملوك وأحبار سوء ورهبانها
وباعوا النفوس فلم يربحوا ولم يغل في البيع أثمانها
لقد رتع القوم في جيفة يبين لذي العقل أنتانها
ركبوا [المواكب ] واغتدوا زمرا إلى باب الخليفة
وصلوا البكور إلى الرواح ليبلغوا الرتب الشريفة
حتى إذا ظفروا بما طلبوا من الحال اللطيفة
وغدا [المولى ] منهم فرحا بما تحوي الصحيفة
وتعسفوا من تحتهم بالظلم والسير العنيفة
خانوا الخليفة عهده بتعسف الطرق المخوفة
باعوا الأمانة بالخيانة واشتروا بالأمن جيفة
عقدوا الشحوم وأهزلوا تلك الأمانات السخيفة
ضاقت قبور القوم واتسـ ـــــعت قصورهم المنيفة
من كل ذي أدب ومعــــ ــــــرفة وآراء حصيفة
متفقه جمع الحديــــــــ ـــــث إلى قياس أبى حنيفة
فأتاك يصلح للقضـــ ـــــاء بلحية فوق الوظيفة
لم ينتفع بالعلم إذ شغفته دنياه الشغوفة
نسي الإله ولاذ في الد نيا بأسباب ضعيفة
عجبا لأرباب العقول والحرص في طلب الفضول
[ ص: 639 ] سلاب أكسية الأرا مل واليتامى والكهول
والجامعين المكثرين من الخيانة والغلول
والمؤثرين لدار رحلتـــ ــــــهم على دار الحلول
وضعوا عقولهم من الد نيا بمدرجة السيول
ولهوا بأطراف الفر وع وأغفلوا علم الأصول
وتتبعوا جمع الحطــــ ـــــام وفارقوا أثر الرسول