صفحة جزء
215 - أنا أبو القاسم : عبيد الله بن عمر بن علي الفقيه ، نا أحمد بن سلمان بن الحسن النجاد ، نا جعفر الصائغ ، نا فضيل بن عبد الوهاب ، نا حماد بن زيد ، عن ثابت ، عن أنس ، قال : ركب النبي - صلى الله عليه وسلم - فرسا لأبي طلحة ، فلما نزل عنه قال : " وجدته بحرا " .

[ ص: 214 ] قال لنا أبو القاسم : " هذا يدل على أنه يجوز أن يتكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمجاز ، لأنه شبه سرعة الفرس في جريه بالبحر وجريانه وهوله وعظمه " .

فإذا ورد لفظ حمل على الحقيقة بإطلاقه ، ولا يحمل على المجاز إلا بدليل ، وقد لا يكون له مجاز ، فيحمل على ما وضع له .

وأما المجاز فحده : " كل لفظ نقل عما وضع له " .

وقد أنكر بعض الناس المجاز في اللغة ، وحكي عن أبي بكر محمد بن داود بن علي الأصبهاني ، أنه قال : " ليس في القرآن مجاز ، واحتج بأن العدول عن الحقيقة إلى المجاز ، إنما يكون للضرورة ، والله تعالى لا يوصف بالحاجة والضرورة ، فلا ينبغي أن يكون في كلامه مجاز " .

وهذا غلط لأن المجاز لغة العرب وعادتها ، فإنها تسمي الشيء باسم الشيء إذا كان مجاورا له ، أو كان منه بسبب ، وتحذف جزءا من الكلام طلبا للاختصار ، إذا كان فيما أبقي دليل على ما ألقي ، وتحذف المضاف وتقيم المضاف إليه مقامه وتعربه بإعرابه ، وغير ذلك من أنواع المجاز ، وإنما نزل القرآن بألفاظها ومذاهبها ولغاتها ، وقد قال الله تعالى : ( جدارا يريد أن ينقض ) ، ونحن نعلم ضرورة أن الجدار لا إرادة له .

التالي السابق


الخدمات العلمية