باب بيان ما يفسد العلة
يفسد العلة أشياء : منها : أن لا يكون على صحتها دليل ، فيدل ذلك على فسادها ، لأنا قد بينا فيما تقدم ، أن العلة شرعية ، فإذا لم يكن على صحتها دليل من قبل الشرع ، دل على أنها ليست بعلة ، ووجب الحكم بفسادها .
ومنها : أن تكون منتزعة من أصل لا يجوز انتزاع العلة منه ، مثل أن يقيس القايس على أصل غير ثابت ، إما لأنه منسوخ ، أو لعدم ثبوت الحكم فيه ، لأن الفرع لا يثبت إلا بأصل ، فإذا لم يثبت الأصل ، لم يجز إثبات الفرع من جهته .
وهكذا
لو كان الأصل قد ورد الشرع بتخصيصه منع القياس من جهته ، مثل قياس أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة غير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، في جواز
النكاح بلفظ الهبة ، وقد ورد الشرع بأنه مخصوص بذلك ، فهذا لا يجوز القياس عليه لأن القياس إنما يجوز على ما لم يرد الشرع بالمنع منه ، فأما إذا ورد الشرع بالمنع منه فلا يجوز ، ولهذا لا يجوز القياس إذا منع منه نص أو إجماع .
ومنها : أن تكون العلة منتقضة ، وهو أن توجد ولا حكم معها ، الدليل على ذلك أنها علة مستنبطة ، فإذا وجدت من غير حكم حكم بفسادها ، أصل ذلك العلل العقلية .
[ ص: 523 ] ومنها : أن يعارضها ما هو أقوى منها من نص كتاب ، أو سنة ، أو إجماع ، فيدل ذلك على فسادها ، لأن هذه الأدلة مقطوع بصحتها ، فلا يثبت القياس معها .
[ ص: 524 ]