صفحة جزء
606 - أنا أبو بكر البرقاني ، نا عمر بن محمد بن علي بن الزيات ، لفظا ، أنا هارون بن يوسف ، ثنا ابن أبي عمر ، نا سفيان ، عن عمرو ، عن طاوس ، قال : سمعت أبا هريرة ، يحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " احتج آدم وموسى ، فقال موسى يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة ، فقال له آدم : يا موسى اصطفاك الله برسالته ، وكتب لك التوراة بيده ، لم تلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة ؟ " - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : - " فجح آدم موسى " ، يعني : أن آدم هو حج موسى .

قلت : وضع موسى الملامة في غير موضعها فصار محجوجا ، وذلك أنه لام آدم على أمر لم يفعله ، وهو خروج الناس من الجنة ، وإنما هو فعل الله تعالى ، ولو أن موسى لام آدم على خطيئته الموجبة لذلك لكان واضعا للملامة موضعها ، ولكان آدم محجوجا وليس أحد ملوما إلا على ما يفعله ، لا على ما تولد من فعله مما فعله غيره ، والكافر إنما يلام على فعل الكفر لا على دخول النار ، والقاتل إنما يلام على فعله لا على موت مقتوله ، ولا على أخذ القصاص منه .

فعلمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث كيف نسأل عند المحاجة ، [ ص: 559 ] وبين لنا أن المحاجة جائزة ، وأن من أخطأ موضع السؤال كان محجوجا ، وظهر بذلك قول الله تعالى : ( كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون ) .

وليس هذا الحديث الذي ذكرناه من باب إثبات القدر في شيء ، وإنما هو وارد فيما وصفناه من محاجة آدم وموسى ، وإثبات القدر إنما صح في آيات وأحاديث أخر .

التالي السابق


الخدمات العلمية