باب القول في التحفظ وأوقاته وإصلاح ما يعرض من علله وآفاته
اعلم أن للحفظ ساعات ، ينبغي لمن أراد التحفظ أن يراعيها وللحفظ أماكن ينبغي للمتحفظ أن يلزمها .
- فأجود الأوقات : الأسحار ، ثم بعدها وقت انتصاف النهار ، وبعدها الغدوات دون العشيات ، وحفظ الليل أصلح من حفظ النهار .
قيل لبعضهم : بم أدركت العلم ؟ فقال : " بالمصباح ، والجلوس إلى الصباح " .
وقيل لآخر ، فقال : " بالسفر ، والسهر ، والبكور في السحر " .
868 - أنا
العتيقي ، أنا
أبو مسلم الكاتب ، نا
nindex.php?page=showalam&ids=13147أبو بكر بن دريد ، قال : "
سأل شاب جاهل أفلاطون : كيف قدرت على كثرة ما تعلمت ؟ قال : " لأني أفنيت من الزيت أكثر مما شربت أنت من الشراب " .
وبلغني أن رجلا قال
لأفلاطون : ألم نكن جميعا في مكتب واحد ؟ قال : بلى قال : فكيف صرت تعلوا منبر التعليم وحظي من العلم ما
[ ص: 208 ] تراه ؟ قال : " ذلك لأن ديناري كان محمولا إلى الزيات ، ودينارك كان محمولا إلى الخمار " .
وقال
أبو القاسم السعدي ابن عم أبي نصر بن نباتة : أعاذلتي على إتعاب نفسي ورعيي في السرى روض السهاد إذا شام الفتى برق المعالي
فأهون فائت طيب الرقاد
- وأجود أماكن الحفظ : الغرف دون السفل ، وكل موضع بعد مما يلهي ، وخلا القلب فيه مما يقرعه فيشغله ، أو يغلب عليه فيمنعه ، وليس بالمحمود أن يتحفظ الرجل بحضرة النبات والخضرة ، ولا على شطوط الأنهار ولا على قوارع الطرق ، فليس يعدم في هذه المواضع غالبا ما يمنع من خلو القلب وصفاء السر .
وأوقات الجوع أحمد للتحفظ من أوقات الشبع .
وينبغي للمتحفظ أن يتفقد من نفسه حال الجوع ، فإن بعض الناس إذا أصابه شدة الجوع والتهابه لم يحفظ ، فليطفئ ذلك عن نفسه بالشيء الخفيف اليسير كمص الرمان وما أشبه ذلك ، ولا يكثر الأكل ، فقد :