أن رجلا مر على مجلس بالمدينة فيه nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، فنظر إليه عمر ، قال : أكاهن ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ، هدي بالإسلام كل جاهل ، ودفع بالحق كل باطل ، وأقيم بالقرآن كل مائل ، وأغني بمحمد - صلى الله عليه وسلم - كل عائل ، فقال عمر : متى عهدك بها ؟ يعني صاحبته ، قال : قبل [ ص: 169 ] الإسلام أتتني ، فصرخت يا سلام ، يا سلام ، الحق المبين ، والخير الدائم ، خير حلم نائم ، الله أكبر ، فقال رجل من القوم : يا أمير المؤمنين ، أنا أحدثك مثل هذا ، والله إنا لنسير في داوية ملساء لا يسمع فيها إلا الصدى ، إذ نظرنا ، فإذا راكب مقبل أسرع من الفرس حتى كان منا على قدر ما يسمعنا صوته ، فقال : يا أحمد ، يا أحمد ، الله أعلى ، وأمجد ، أتاك ما وعدك من الخير يا أحمد ، ثم ضرب راحلته حتى أتى من ورائنا ، فقال عمر : الحمد لله الذي هدانا بالإسلام ، وأكرمنا به ، فقال رجل من الأنصار : أنا أحدثك يا أمير المؤمنين ، مثل هذا ، وأعجب ، قال عمر : حدث ، قال : انطلقت أنا وصاحبان لي نريد الشام حتى إذا كنا بقفرة من الأرض نزلنا بها ، فبينا نحن كذلك لحقنا راكب ، وكنا أربعة قد أصابنا سغب شديد ، فالتفت ، فإذا أنا بظبية عضباء ترتع قريبا مني ، فوثبت إليها ، فقال الرجل الذي لحقنا : خل سبيلها لا أبا لك ، والله لقد رأيتها ونحن نسلك هذا الطريق ، ونحن عشرة ، أو أكثر من ذلك ، فيختطف بعضنا ، فما هو إلا أن كان هذه الظبية ، فما يهاج بها أحد ، فأبيت ، وقلت : لا ، لعمر الله لا أخليها ، فارتحلنا ، وقد شددتها معي حتى إذا ذهب سدف من الليل إذا هاتف يهتف بنا ، ويقول :
يا أيها الركب السراع الأربعة
خلوا سبيل النافر المفزعة خلوا عن العضباء في الوادي سعة
لا تذبحن الظبية المروعة فيها لأيتام صغار منفعة
فقال : فخليت سبيلها ، ثم انطلقنا حتى أتينا الشام ، فقضينا حوائجنا ، ثم أقبلنا حتى إذا كنا بالمكان الذي كنا فيه ، هتف هاتف من خلفنا :
إياك لا تعجل وخذها من ثقة فإن شر السير سير الحقحقه
قد لاح نجم فأضاء مشرقه يخرج من ظلما عسوف موبقه
ذاك رسول مفلح من صدقه الله أعلى أمره وحققه