قال الإمام - رحمه الله - : قال أهل التاريخ : فحصروا في الشعب ثلاث سنين ، وقطع عنهم المير حتى هلك من هلك ، وكتبت قريش كتابا على بني هاشم أن لا ينكحوهم ، ولا ينكحوا فيهم ، ولا يبايعوهم ، ولا يبتاعوا منهم ، ولا يخالطوهم ، وكانوا لا يخرجون من الشعب إلا من موسم إلى موسم حتى بلغهم الجهد ، ويسمع أصوات صبيانهم من وراء الشعب ، قيل : كان كاتب الصحيفة منصور بن عكرمة العبدي فشلت يده ، وقيل كتبها طلحة بن أبي طلحة ، قال أهل التاريخ : بعث مطعم بن عدي بأربع جزائر موقرة طعاما حتى دخلت الشعب ، وقال : إن لهم أرحاما ، وقرابات ، وقد تلفوا ، فقال أبو جهل : لا ننكر برك ، ولا صلتك ، فلو ما أرسلت به ليلا ، فلا يراك سفهاؤنا ، وأحداثنا ، فيجترؤون علينا ، ويتبعون محمدا ، فقال : ما نتبع محمدا ، وإنا على دين آبائنا ، ولكنا نصل أرحامنا ، أما والله ما وافقني حصرهم ، ولقد ظلموا ، واستخف بحقهم ، وما أنا بآمن أن نعاقب في ظلمنا إياهم ، فانكسر أبو جهل ، وانصرف ، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يشكر هذا لمطعم بن عدي .