فصل: قال المصنف: فأما
صوفية زماننا فإنهم يعمدون إلى ثوبين أو ثلاثة كل واحد منها على لون فيجعلوها خرقا ويلفقونها فيجمع ذلك الثوب وصفين: الشهرة والشهوة فإن لبس مثل هذه المرقعات أشهى عند خلق كثير من الديباج
[ ص: 181 ] وبها يشتهر صاحبها أنه من الزهاد أفتراهم يصيرون بصورة الرقاع كالسلف كذا قد ظنوا وإن إبليس قد لبس عليهم وقال أنتم صوفية لأن
الصوفية كانوا يلبسون المرقعات وأنتم كذلك أتراهم ما علموا أن التصوف معنى لا صورة وهؤلاء قد فاتهم التشبيه في الصورة والمعنى، أما الصورة فإن القدماء كانوا يرقعون ضرورة ولا يقصدون التحسن بالمرقع ولا يأخذون أثوابا جددا مختلفة الألوان فيقطعون من كل ثوب قطعة ويلفقونها على أحسن التوقيع ويخيطونها ويسمونها مرقعة، وأما
عمر رضي الله عنه لما قدم
بيت المقدس حين سأل القسيسون والرهبان عن أمير المسلمين فعرضوا عليهم أمراء العساكر مثل
nindex.php?page=showalam&ids=12077أبي عبيدة ،
nindex.php?page=showalam&ids=22وخالد بن الوليد وغيرهما فقالوا ليس هذا المصور عندنا ألكم أمير أو لا؟ فقالوا لنا أمير غير هؤلاء فقالوا هو أمير هؤلاء قالوا نعم هو
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقالوا أرسلوا إليه ننظره فإن كان هو سلمنا إليكم من غير قتال وإن لم يكن هو فلا فلو حاصرتمونا ما تقدرون علينا فأرسل المسلمون إلى
عمر رضي الله عنه وأعلموه بذلك فقدم عليهم وعليه ثوب مرقع سبع عشرة رقعة بينها رقعة من أديم، فلما رأوه الروحانية والقسوس على هذه الصفة سلموا
بيت المقدس إليه من غير قتال، فأين هذا مما يفعله جهال
الصوفية في زماننا فنسأل الله العفو والعافية، وأما المعنى فإن أولئك كانوا أصحاب رياضة وزهد.